26-أغسطس-2017

يتأرجح إعلام السيسي كعادته وفقًا لأهواء مموليه (تشيريس ماي/ Getty)

يبدو أن موسم تجميل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والحديث عن "التحالف الاستراتيجي" بين القاهرة وواشنطن بعد فوزه بانتخابات الرئاسة بدايات العام الجاري؛ انتهى بحجب المعونة الأمريكية عن مصر قبل يومين. وبعد أن كان مديح ترامب فرض عين على صحف وفضائيات القاهرة، بات الرجل ملعونًا في المنصات ذاتها.

مباشرة عقب حجب المعونة الأمريكية عن مصر، انقلب الإعلام المصري على ترامب، بعد وصلة مديح دامت أشهر

"بالجزمة" و"طظ".. رد عبد الناصر واليوم السابع!

ردَّت صحيفة اليوم السابع المصرية برسم كاريكاتيري عرض وجهة نظر الصحيفة فيما جرى، حمل عنوان "بالجزمة.. رد المصريين على قطع المعونة الأمريكية"، يصوّر رجلًا دخل محلًا لشراء حذاء، وقال للبائع: "ألاقي عندك جوز (زوج حذاء) أرد بهم على قطع المعونة؟".

وعرضت نفس الصحيفة  رأي طارق الخولي، عضو البرلمان المصري، والذي كان فيما سبق عضوًا في حركة شباب 6 أبريل قبل انشقاقه، إذ اعتبر أن "مكالمة ترامب مع السيسي تؤكد رفض الرئيس الأمريكي تخفيض المعونة"، في محاولة لتبرئة ساحة إدارة ترامب، وإلقاء الحجر بين ذراعي الكونغرس، فبعض الدوائر المصرية تتبنى أن "مجلس النواب الأمريكي أغلبيته موالية للإخوان"، وذلك اعتمادًا على رفضه مقترحات باعتبار الإخوان تنظيمًا إرهابيًا.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف إلى الأسباب الحقيقية وراء حجب المعونة الأمريكية عن مصر

فضائيات أخرى أعادت بثّ تسجيل مصوّر للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث كان يخطب للشعب المصري عن المعونة التي جمدتها الولايات المتحدة بعد قرار تأميم قناة السويس، قائلًا: "على الجزمة. الشعب المصري لا يبيع استقلاليته ولا حريته بأي ثمن".

وفي برنامجه "بالورقة والقلم"، المذاع على فضائية "TEN" المصرية الممولة إماراتيًا برعاية محمد دحلان، علق نشأت الديهي رئيس القناة، على حجب المعونة الأمريكية بقوله: "طظ في المعونة الأمريكية. مش عايزنها. هنشتغل ساعة إضافية، وكل واحد هيتبرّع بدولار ومش عايزين المعونة".

"لا تعايرني ولا أعايرك".. أمريكا أيضًا تعذب الإرهابيين!

عن طريق الإعلامي المصري المقرب من أجهزة أمنية، أحمد موسى، أخذ الردّ على الولايات المتحدة منحى آخر وهو التحدّي، ففتح من جديد ملف معتقل غوانتانامو، بطريقة "نحن لا نحترم حقوق الإنسان، وأنتم أيضًا، وهذه رسالة للمجتمع الدولي"!

وقال موسى في برنامجه "على مسؤوليتي": "أمريكا عملت إيه في غوانتانامو؟ لمّت أفغانستان كلها ولم يحاكمْ أي أحد، وبعضهم في المعتقل الأمريكي منذ 16 عامًا بدون محاكمة، وهناك تعذيب يصيب البعض بالشلل. والتعذيب بالكهرباء والكلام والأصوات الصاخبة. حقوق الإنسان في أمريكا كلام فقط".

لم يكتفي موسى الذي سبق له انتزاع غواية التسريبات من زميله عبدالرحيم علي، بترتيبات جهات أمنية مصرية؛ إذ قام بعرض مشاهد مما أسماها "جرائم أمريكا في غوانتانامو"، مُعلقًا عليها: "هذه هي أمريكا، وحقوق الإنسان بها. تكلّموا عن أنفسكم أولًا، فحتى لو كان إرهابيًا حاكموه، لأن له حقوق، ولا تعذبوه"، مُختتمًا تدليسه بقوله: "عاملوا الناس كما يحدث في مصر. نحن لا نعذب الناس بهذا الشكل"!

 

من جانبها أعدّت مجلة روزاليوسف القومية المصرية، موضوعًا بعنوان "من يحكم أمريكا؟"، تصدَّر غلاف عدد الأسبوع الجاري، شككت فيه المجلة من أن يكون ترامب هو من يدير الأمور في الولايات المتحدة، معتبرةً أنّه في المقابل من يحكم الولايات المتحدة هي منظمات المجتمع المدني التي وصفتها بـ"المعادية لمصر".

وبعد تأكيد حجب المعونة عن مصر، بدأت اليوم السابع في إعداد مواد عما قالت إنها ردود الفعل داخل الولايات المتحدة حول حجب المعونة مصر، إحداها بعنوان "تخفيض المعونة في عيون الأمريكان"، زعمت فيه أن مراكز أبحاث علّقت على القرار بأنّه "يعكس سوء تقدير"، قبل أن نكتشف في متن هذه المادة أنّ المركز المقصود هو المجلس الأطلسي المشهور بتمويل الإمارات له، وقد سبق وأن تردد اسمه في رسائل البريد الإلكترونية المسربة ليوسف العتيبة سفير واشنطن في أبوظبي.

قبل ذلك بقليل، قام إيهاب عمر، المحلل السياسي بصحيفة الأهرام القومية، وبصحيفة صوت الأمة الخاصة المؤيدة للنظام؛ بمحاولة فاشلة لنفي خبر حجب المعونة الأمريكية عن مصر، حين كان الخبر لايزال في نطاق مصدريْ رويترز المُجهّلين. وتمثلت محاولة عمر في نشر صورة تجمع بين السيسي وجاريد كوشنر، كبير مستشاري البيض الأبيض، وصهر ترامب، لدى زيارة الأخير إلى القاهرة ضمن وفد لدفع عملية السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في محاولة منه للتشكيك في معلومات رويترز، لكنها لم تكن سوى محطة للسخرية من المحلل السياسي.

شماعة آية حجازي

من خلال أسلوب جديد للتدليس ومحاولة إبعاد الانتباه عن الأسباب الحقيقية وراء حجب المعونة، لجأ موقع "اتفرج"، المقرّب من دوائر الأمن في مصر، ويديره شقيق النائب المصري مصطفى بكري؛ إلى المقال الذي نشرته الناشطة المصرية آية حجازي في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، زاعمًا أن "تجميد مساعدات أمريكية لمصر بسبب مقال آية حجازي".

لجأ الإعلام المصري أخيرًا إلى شماعة آية حجازي، بزعمهم أنّها من تقف وراء حجب المعونة عن مصر!

هذا الاتجاه أبرزته فضائية الغد، المموّلة إماراتيًا تحت إشراف محمد  دحلان، وتنطلق من القاهرة، إذ أرجعت القناة على لسان مراسلها في واشنطن، حجب المعونة الأمريكية عن مصر، إلى مقال آية حجازي، بعدما قررت افتتاح فرع لمنظمة "بلادي"، التي اعتقلت على خلفية أنشطتها، في واشنطن، وهو ما اعتبروه "خيانة لمصر"!

هكذا يستمر إعلام السيسي في التأرجح والتدليس لصالح مموليه وأجهزتهم الأمنية، لينتقل هذه المرة بين تبرأة ترامب وبين عقد مقاربات أقل ما يمكن وصفها بالعجائبية لإظهار موقف نظام السيسي بمظهر النظام المستقل غير المعتمد على ما يأتيه من تمويل ومساعدات سواء بالسر أو العلن.وكل هذا بعد مدائح بالجملة والمجان لم يمل ترديدها طوال أشهر خلت!

 

اقرأ/ي أيضًا: 

آية حجازي على التلفزيون العربي: "الحلم موجود، بس إزاي؟"

القمع وسيناء والعلاقات مع روسيا.. أسباب محتملة لقطع المعونة الأمريكية عن مصر