27-مايو-2024
ترتبط عودة أشرطة الكاسيت بحنين لماض لم يعشه الشباب (pxhere)

(pxhere) ترتبط عودة أشرطة الكاسيت بحنين لماض لم يعشه الشباب

قبل أكثر من ستين عامًا كان أول ظهور لأشرطة الكاسيت التي أحدثت ثورة في عالم الغناء. لكنها لم تكن مجرد وسيط للاستماع إلى الموسيقى، بل تحولت إلى وسيلة ثقافية وسياسية، وحتى دينية.

وبعد أن بيع أكثر من 100 مليار نسخة عبر العالم خفت الاهتمام بها، لتندثر مع هذا الكم الرهيب من التطور الرقمي في المجال السمعي.

لكن مؤخرًا عاد الاهتمام بهذه الوسائط الموسيقية، وفي هذا الإطار، يقول تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية إن هناك توجه لإيحاء أشرطة الكاسيت مع الجيل الجديد للشباب المعروف بـ"جيل Z".

بعد أن بيع أكثر من 100 مليار نسخة من أشرطة الكاسيت عبر العالم خفت الاهتمام بها، لتندثر مع هذا الكم الرهيب من التطور الرقمي في المجال السمعي

يتحدث مالك متجر "برايكواي ريكوردز" (Breakaway Records) في أوستن، الذي تأسيس قبل 16 عامًا، عن أنه في بدايات تأسيسه لمتجره اضطر لشراء أسطوانات قديمة ليملأ بها الرفوف، ولكن سرعان ما أصبحت ألبومات "الفينيل" التي تحمل إصدارات جديدة جزءًا أساسيًا من تجارته.

تشير الوكالة الأميركية إلى أنه بعد فترة وجيزة بدأ محبّو الوسائط الموسيقية غير الرقمية يطالبون بعودة نمط تقليدي آخر، هو أشرطة الكاسيت.

لم تفاجئ لارو عودة موضة اقتناء أشرطة الكاسيت، إذ إن هناك بعض المسنين يشترونها، لكن ما صدمه هو أن غالبية من يقتني هذا النوع من الوسائط هم جيل الشباب.

تقول "بلومبيرغ": تمثل "أشرطة الكاسيت لأبناء الجيل زد حنينًا إلى ماض لم يعيشوه، فيما تقدم للفنانين الناشئين وسيلة تمكنهم من إعادة إنتاج أعمالهم بتكلفة منخفضة، ويسهل عليهم إعدادها بأنفسهم، فأقبلوا على أشرطة الكاسيت لإصدار أعمالهم الموسيقية على نطاق ضيق".

ووفقًا لمجلة "بيلبورد"، ما تزال أشرطة الكاسيت تحتل مكانة مهمة لدى فناني الصف الأول أيضًا. فقد بيع 1.64 مليون نسخة من ألبوم تايلر سويفت (The Tortured Poets Department) في الأسبوع الأول بعد طرحه، كان منها 759500 قرص مدمج و859000 أسطوانة "فينيل" ونحو 21500 شريط كاسيت.

وتقول الوكالة أيضًا: "برغم تواضع مبيعات النسخ المسجلة على وسائط سمعية تقليدية، إلا أنها ما تزال تؤثّر بشدة على طريقة احتساب قطاع الموسيقى لسباقات الأغاني".

خلال مؤتمر صحفي في بريطانيا، كشف قارع طبول فرقة "بلر"، دايف رونتري، عن أن ألبوم (The Ballad of Darren) الذي أصدرته الفرقة عام 2023 بيعت منه 3 آلاف نسخة على أشرطة كاسيت في الأسبوع الأول، مقابل "ملايين الاستماعات الرقمية عبر (سبوتفاي) وحدها، لكن مبيعات أشرطة الكاسيت كان لها التأثير الأكبر على ترتيب الألبوم في سباقات الأغاني".

تلفت "بلومبيرغ" إلى أن "ثمة أسبابًا أخرى تدفع أسماء مثل بيلي إيليش وكيندريك لامار للاستمرار في إصدار إنتاجاتهم الموسيقية على أشرطة كاسيت، فهم يسعون لتلبية نهم أشد معجبيهم. عندما نشرت دوا ليبا صورة (GIF) متحركة لها وهي تحمل بمرح نسخة كاسيت من ألبومها (Radical Optimism)، كانت تتوجه لأشدّ معجبيها المستعدين للدفع أكثر من الجمهور العادي لحيازة نسخ عينية من ألبوماتها".

يدخل عامل آخر في انتشار أشرطة الكاسيت وهو التكلفة المنخفضة، وهو ما ينعكس على أسعار بيعها، فسعر الكاسيت يبدأ من 10 دولارات، فيما يصل سعر أسطوانة "فينيل" لألبوم جديد إلى نحو 35 دولارًا. وهو ما "يمنح المستمع تجربة الاستمتاع نفسها بالموسيقى التناظرية أو غير الرقمية. قد تكون جودة الصوت أدنى، لكنه وسيلة أكثر مرحًا وأسهل حملًا".

تقول مديرة الإصدارات على الوسائط غير الرقمية في شركة "سيكريتلي ديستريبوشن" (Secretly Distribution)، شيلي ورسيل: "هذا سعر جيد بالنسبة للشباب الراغبين في جمع ألبومات مسجلة على وسائط عينية لدعم فنانيهم المفضلين.. كانت مبيعات فيبي بريدجيرز الأنشط لدينا العام الماضي، لأن أغلب جمهورها من الشباب".

تشير الوكالة الأمريكية إلى أن موجة أشرطة الكاسيت هذه انطلقت مع مسلسلات وأفلام مثل (Stranger Things and Guardians of the Galaxy)  الذي تضمّن مشهدًا مطولاً لجهاز "ووكمان" (TPS-L2) من "سوني" يعود للشخصية الرئيسية في الفيلم بيتر كويل.

وقد تلقت أشرطة الكاسيت جرعة دعم إضافية خلال الوباء. فالإقبال على أشرطة "الفينيل" في ظل الضغط الذي تعرضت له المصانع بسبب اختناقات سلاسل الإمداد دفع بالفنانين والجمهور للاستعانة بأشرطة الكاسيت لتعويض النقص.

وبحسب أندي أوسبورن، الفنان ومدير عمليات شركات الإنتاج في المنصة الموسيقية "باندكامب" (Bandcamp): "أحصت شركة متابعة المبيعات الموسيقية "لومينايت داتتا" (Luminate Data) بيع 436400 شريط كاسيت العام الماضي، أي نحو العدد نفسه المسجل عام 2022. وفي حين ما يزال هذا العدد متواضعًا جدًا بالمقارنة مع عام 1988 مثلًا حين بيع 450 مليون شريط كاسيت في الولايات المتحدة، إلا أنه أعلى من رقم 81 ألف شريط في عام 2015، وهذا يكفي لجذب اهتمام رواد الأعمال".

حين قرأ كاتب الإعلانات السابق رومان بودروش مقالة عن زيادة الإقبال على أجهزة "ووكمان" القديمة بوحي من سلسلة أفلام "Guardians of the Galaxy"، أدرك أن الفرصة سانحة في السوق لإصدار جهاز محمول جديد وأنيق لتشغيل أشرطة الكاسيت. بعد انطلاقة ناجحة على منصة "كيكستارتر" (Kickstarter) في 2020، بدأ مع شريكه ماتيو مازيير ببيع أجهزة تشغيل الكاسيت تحمل اسم (We Are Rewind) في أواخر 2022 آذار/مارس، دخلت شركة الصوتيات الصينية "في أو إلكترونيكس تكنولوجي" (FiiO Electronics Technology)  في سوق المنتجات المستوحاة من الماضي.