01-ديسمبر-2023
إيتمار بن غفير وتوزيع الأسلحة

منذ بداية العدوان على قطاع غزة، تلقت إدارة ترخيص الأسلحة النارية في إسرائيل 260 ألف طلب (Getty)

في أعقاب عملية القدس، يوم أمس الخميس، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تغريدة على منصة "إكس"، جاء فيها: "الحكومة برئاستي ستواصل توسيع توزيع السلاح على المواطنين. وهذا إجراء يثبت نفسه مرارًا وتكرارًا في الحرب ضد الإرهاب القاتل"، وفق قوله.

وفي الوقت نفسه، وصل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، إلى موقع العملية بالقدس، وقال: إن "الهجوم أظهر مدى أهمية توزيع الأسلحة على المدنيين. الأسلحة تنقذ الأرواح ونحن نرى ذلك مرة تلو الأخرى: أينما توجد أسلحة، ينقذ المواطنون ورجال الشرطة والجنود الأرواح. وهذا السلاح يمكن أن ينقذنا ويثبت نفسه مرارًا وتكرارًا"، وفق تعبيره. ويطرح بن غفير مشروع تشكيل، مجموعات من الحرس المدني في كل المستوطنات.

جهد إيتمار بن غفير الأساسي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، انصب على عمله في توزيع الأسلحة على المستوطنين

في العملية ذاتها، التي نفذها الأشقاء مراد نمر (38 عامًا)، وإبراهيم نمر (30 عامًا)، قتل فيها 3 مستوطنين، أمّا الرابع الذي كان مسلحًا وأطلق النار على الشهداء نمر، فقد قتله جنود جيش الاحتلال، بعدما رفع يديه.

والمتابع لنشاط المتطرف إيتمار بن غفير، منذ وصوله إلى وزارة الأمن القومي، وما بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، يعرف أن جهده الأساسي ينصب على نشر السلاح بين المستوطنين بأكبر قدر ممكن، إذ يجمع ما بين وجوده في وزارة الأمن القومي، المسؤولة عن شرطة الاحتلال، وتاريخه كناشط يميني، من أجل الدعوة المستمرة إلى حمل السلاح.

ميزانية للأسلحة

ومع موافقة الحكومة الإسرائيلية، قبل أيام على الميزانية الجديدة، ظهرت عدة خلافات، كان أبرزها صراع إيتمار بن غفير ومدير مكتبه حنمال دورفمان، على الوزارات التي يقودها حزب عوتمسا يهوديت، وتحديدًا الأمن القومي، للمطالبة بشراء المزيد من الأسلحة للشرطة.

وخارج قاعة الاجتماعات الحكومية، وبخ رئيس مكتب بن غفير، حنمال دورفمان، وزارة المالية وطالبها بزيادة "التمويل للأسلحة والاحتياجات القتالية للصفوف الاحتياطية والشرطة".

وقال دورفمان: "ماذا عن الأسلحة لنا (للوزارة)؟ هل تعطي فقط للجيش الإسرائيلي؟ لقد رأينا ما حدث عندما لم يكن هناك أسلحة لضباط الشرطة، مات 58 شرطيًا، معظمهم بأسلحة قصيرة. هل تسمحون للجيش الإسرائيلي فقط بشراء البنادق؟ بالنسبة لك، ميزانية الجيش الإسرائيلي فقط هي المقدسة، لديهم عشرات الآلاف من الأسلحة- وماذا عنا؟ لقد رأينا ما فعله الجيش الإسرائيلي المقدس بكل هذه الأسلحة"، في إشارة إلى فشل الجيش في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ودورفمان، أحد الأشخاص الأقرب إلى إيتمار بن غفير، لم يخدم في الجيش الإسرائيلي، ومثل بن غفير، كان ناشطًا يمينيًا متطرفًا وهدفًا للقسم اليهودي في الشاباك. وهو اليوم يشغل منصب رئيس مكتبه وهو واحد من أكثر الأشخاص المهيمنين في مكتب الأمن القومي اليوم. ومنذ بداية الحرب، كان الاثنان يقودان عملية لتسليح الوحدات الاحتياطية والمواطنين العاديين بالأسلحة.

إيتمار بن غفير ومديره مكتبه

كل مكان يوزع الأسلحة في إسرائيل

ومع وصوله إلى المنصب الرسمي، قرر إيتمار بن غفير تحويل كل مكان إلى نقطة توزيع أسلحة، إذ وصف موقع "واللا" الإسرائيلي، تحويل منطقة في الكنيست الإسرائيلي إلى مكان لتقديم طلبات الأسلحة، بالقول: "في غرفة جانبية في الطابق السفلي للكنيست، تم إنشاء خط ساخن مشترك مع وزارة الأمن القومي، حيث يتعامل موظفو الكنيست مع طلبات المواطنين للحصول على تراخيص أسلحة".

وأضاف الموقع: "منذ اندلاع الحرب، حدثت قفزة في طلب المدنيين على تراخيص الأسلحة النارية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ثورة التسلح المدنية التي أعلن عنها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والتي تم فيها تخفيف المعايير والاختبارات لحمل السلاح الشخصي. وبن غفير وهو الذي بادر وقرر إنشاء المركز داخل أسوار الكنيست". وبالطبع، تقاطع جهد بن غفير، مع توجه رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا، الذي روج إلى فكرة سهولة ترخيص الأسلحة الشخصية.

إلى أين وصلت العملية؟

منذ بداية العدوان على قطاع غزة، تلقت إدارة ترخيص الأسلحة النارية في إسرائيل 260 ألف طلب. وحتى الآن، تمت معالجة 20% من الطلبات وتم بالفعل منح 25000 ترخيص. وعلى سبيل المقارنة، ففي عام 2022 بأكمله، وبحسب بيانات مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، تلقت الشعبة حوالي 42 ألف طلب لحيازة أسلحة، تمت الموافقة على حوالي 13 ألف طلب منها. 

والنقاشات في إسرائيل، تدور حول أن هذه العملية تنتهك "مبدأ فصل السلطات"، كما أنها يمكن أن تساهم في زيادة العنف داخل إسرائيل، دون التفات للهدف الأساسي لبن غفير، الذي يعتبر أن هذه الأسلحة مشرعة في وجه الفلسطينيين.

ووفق البيانات الإسرائيلية، فإن القسم المختص الذي تم استحداثه، تم تأسيسه بشكلٍ سريع، ومنح من يعمل فيه تدريبًا لمدة يوم واحد، بدلًا من شهر. كما أن المقابلات تتم بشكلٍ هاتفي، وعلى هذا الأساس يتم القرار بمنح السلاح.

حملة منذ 7 أكتوبر

منذ بداية العدوان الإسرائيلي، ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، "يتفاخر" عبر منصة "إكس"، بنشره الأسلحة بين المستوطنين، مقدمًا الوعود بتقديم المزيد منها، وداعيًا إلى تخفيف اللوائح القانونية التي تتيح أهلية الحصول على رخصة حمل للسلاح بشكلٍ قانوني.

ومنذ عام 2021، تشهد دولة الاحتلال ارتفاعات متزايدة في طلبات الحصول على الأسلحة، فقبل "طوفان الأقصى"، وخلال العام الحالي تم تقديم 23 ألف طلب من أجل الحصول على ترخيص للسلاح.

وهذا الميل الإسرائيلي نحو السلاح، لم يأتي فقط مع "طوفان الأقصى"، فمنذ عام 2016 يسعى حزب الليكود إلى تخفيف لوائح الحصول على ترخيص سلاح في "إسرائيل".

ومن بين أول 31 تغريدة على منصة "إكس"، لإيتمار بن غفير، بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان نصفها على الأقل، تتضمن أما دعوة إلى تخفيف لوائح الحصول على ترخيص للسلاح، أو القيام في توزيعها، مكررًا في كل مرة حديثه عن تسليح مجتمع المستوطنين.

وبعد أسبوعين على "طوفان الأقصى"، وافقت لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، على لوائح تسهل إلى حد كبير عملية الحصول على رخصة حمل السلاح. ويترأس اللجنة زفيكا فوجيل، وهو عضو كنيست من حزب بن غفير صرح عدة مرات عن دعمه قتل الأطفال في غزة.

إيتمار بن غفير والأسلحة

ووفقًا للوائح الجديدة، فإن الرجل الذي يبلغ من العمر 21 عامًا أو أكثر والذي خدم في وحدة قتالية لمدة عام أو أكمل عامين من الخدمة العسكرية، سيكون مؤهلًا لحمل الأسلحة النارية، إذا كان يعيش أو يعمل في منطقة "مؤهلة". وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة التي أكملت سنة واحدة من الخدمة الوطنية أو المدنية الإسرائيلية.

وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية، إلى ارتفاع الإقبال على متاجر الأسلحة، وميادين التدريب على السلاح في دولة الاحتلال. وبالإضافة إلى الزيادة الهائلة في عدد الأسلحة النارية المملوكة للقطاع الخاص، ومن المتوقع أن تقوم وزارة الأمن القومي بتسليم آلاف البنادق الإضافية إلى فرق الأمن المحلية في جميع أنحاء دولة الاحتلال. وبدأت شرطة الاحتلال وحرس الحدود في الأيام الأخيرة إجراءات تشكيل 580 فرقة أمنية جديدة.

وهناك تاريخ لإيتمار بن غفير، في إظهار السلاح ودعم نشره، ففي عام 2022، عندما كان بن غفير عضو كنيست في المعارضة، لوح بمسدس في وجه حارس أمن عربي، نتيجة نقاش حول توقيف مركبته.

تلقت إدارة ترخيص الأسلحة النارية في إسرائيل 260 ألف طلب. وحتى الآن، تمت معالجة 20% من الطلبات وتم بالفعل منح 25000 ترخيص

كما اشترط بن غفير، التراجع المؤقت عن دعمه لخطة التعديلات القضائية، موافقة نتنياهو على تشكيل "الحرس الوطني"، وهي مجموعة مسلحة كان من المفترض أن تخضع إلى سلطة إيتمار بن غفير مباشرة.

حاليًا، تنتشر دعوات في إسرائيل، إلى جمع التبرعات من أجل دعم البؤر الاستيطانية الزراعية والرعوية في الضفة الغربية، وهي بؤر يعيش فيها مجموعات استيطانية من تيار الصهيونية الدينية، الذي يُعدّ بن غفير أحد أقطابه. فيما تذهب هذه المجموعات إلى تنفيذ هجمات ضد الفلسطينيين، بهدف طردهم وتهجيرهم من منازلهم.