28-مايو-2021

عبد اللطيف اللعبي وديوانه

ألترا صوت – فريق التحرير

هذه المقاطع من قصيدة "النفق" للشاعر المغربي الفرانكفوني عبد اللطيف اللعبي منشورة في ديوان من ديوان "يعِدُ الخريف"، الذي ضمه الجزء الأول من الأعمال الشعرية الذي ترجمته الى العربية المترجمة السورية ترجمة روز مخلوف. القصيدة تتحدّث عن فلسطين من خلال زيارة إليها. هنا مقتطف منها.

صدرت للعبي مجموعة من الدواوين الشعرية والروايات والمسرحيات والقصص الموجهة للأطفال والشباب، إضافة الى ترجمات للشعر والروايات والأنطولوجيات قام فيها بتقريب الأدب العربي من القارئ الفرنسي. أما عن أعماله الشعرية فنذكر ديوان "مملكة البربر"، "كل الانكسارات" و"الشمس تحتضر".


زوبعةُ هذا الصباح

تُسطِّرُ بالأحمر

آخِرَ تحليقٍ غنائيٍّ لي

ما هذه العاصفة المُعاكِسة

التي تغويني

وهي تُرضِعُني

وفي نهاية كل دورة

تتفنَّنُ

في تأجيل فطامي؟

وإنها لَمعجزةٌ

أن الرحلة تتواصل

وأنَّ شيئًا حيويًا

لم يتحطَّم

في سباق الحواجز هذا

بحثًا عن بصيص الضوء

المنبعث من آخرِ النفق

النفق

ها هو ذا من جديد

طويلٌ، طويل

فوق أرضٍ أخرى

لا يستطيع فيها الناسُ

حتى أن يدفنوا موتاهم

أسْميتُكِ

يا فلسطين!

أفكر بكم

يا أصدقائي هناك

الذين ترجمْتُ قصائدَهم

"أناديكم

أشدُّ على أياديكم"

ثم أشعر بالغباء

ماذا لديّ لأقوله

مما قد تقولونه أنتم

ليس بطريقة أفضل

بل بمادَّةٍ مختلفة من الكلمات:

بياضُ الرعب، الذي يتعذَّر سبره

سوادُ الدم، الذي يتعذّر مَحْوُه

أرجوانيُّ الحلم المغتَصَب

رماديُّ الأنقاض، المسمومُ

الأصفرُ المعتوهُ للَّحمِ المحروقِ،

أخضرُ السيْلِ الظالمِ للدموع

أزرقُ اللعنات الثمِلُ؟

أفكر بكم يا أصدقائي

بضحكاتنا الهوميرية

في لحظاتٍ ترويحية نادرة

منَحَها المنفى

لمناظراتنا المثقَّفة

كي نحتفل بالنبيذ الفرنسي

والمرأة المذهلة

التي تَقاسمْناها بالعدل

في هذياناتنا الملْفِتة

كذُكوريّين تائبين

أفكر بلغتكم العربية الكريستاليّة

التي تعلَّمتُها

حبًّا بكم

بجواز السفر السورياليّ ذاك

الذي تحملونه

الذي طلبتُه قديمًا

ولم تمنحوني إياه بعد

أفكر بأبنائكم

الموسيقيين جميعًا تقريبًا

الذين رضِعوا الكبرياءَ

ذوي العيون التي تلتمع بأشدِّ ألقٍ

أُتيح لي أن أشهد عليه

أفكر بأمهاتكم

وهنَّ يحرمن الرجالَ من البسْتَنة

حارساتِ الزعتر

وسرِّ صابونِ نابلس

أفكر بآبائكم

بوجوههم المنحوتة

في صخرِ جبل الزيتون

أفكر بالقدس

حين ظنَّ الرسامُ الصديقُ

المولودُ فيها

بأنه رآها يومًا بصحبتي

من أعلى المَرينيين في فاس

أفكر بكم

وأنتم تفتقرون إلى الماء، إلى الخبز

والأفدح من ذلك

إلى مكتَباتِكم مبقورةِ البطون

مخطوطاتكم الممرَّغة بالأقدام

أفكر بكم

وأنتم تستضيئون بشمعةِ

الأملِ

الهشة

لأنكم لم "تخونوا قصائدَكم"

أفكر بكم: أحمد، فدوى

غسان، إبراهيم، عزّت، جمال

خيري، ليانا، محمود، محمد

مُريد، نِدى، رشاد، سحر

سميح، وليد، يحيى

أفتح كتُبَكم

أمسح بيدي فوق الإهداءات

المكتوبةِ بعناية

وأفكرُ

بكياستكم الفريدة

"أناديكم

أشدُّ على أياديكم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عبد الكريم الكرمي: لهب القصيد

إبراهيم طوقان: الفدائي