27-نوفمبر-2020

فلاحون فلسطينيون يقرأون الجريدة (من كتاب صحافة فلسطين لعايدة النجار)

تحت لهيب شمس تموز ترجَّل جنود النظام الأردني من ملالاتهم البريطانية، وشقوا طريقهم بين شجيرات ياسمين جبل عمان في شارع غيَّر ملوك السلطات المتعاقبة اسمه. لم تقصد بساطير النظام الأردني بيت أي مقاتل أو حتى مسؤول سياسي أو عسكري، بل تسارعت خطاهم - على إيقاع الاضطراب البادي في أعين المشاة المتربصين - نحو ملجأ تحت أرض منزل من طابقين مُشرعيّ النوافذ، تتصاعد من ثلمات خشبها أصوات أطفال وبكاء رُضَّع. هَرَعَ الرجال والنساء العزل من أهل البيت وجيرانهم الى حماية ملجئهم، لكن ما لبث أن أشهر عسّ السلطة وجنودها السلاح، فخُلع باب الملجأ واعتُقل كل من قاوم أمرهم العسكري.

 الإعلام الفدائي ، لا يمكن أن يكتفي بنقل الحدث، بل يُمعن في الاشتباك مع مكوناته السمعية والبصرية والمفاهيمية والحركية، حتى تتجلى تناقضاته التي تحاك مشهدًا مشهدًا 

جِرارٌ من الحبر الى جانب مسابك من ورق ولفافات جرائد، تفترش الارض الرملية بين طاولتين خشبيتين وآلة طابعة. توسطت الغرفة آلة نسخ كبيرة سوداء. تجمهر أهل الحيّ بصمت الحداد الذي يُصاحب أنين الوداع حول المنزل المُداهم – فقد كان الملجأ مركز الاعلام السري لعصبة التحرر الوطني، وتلك كانت واحدة من جملة مداهمات وعمليات نهب واغتيال نفذتها أجهزة أمن الأنظمة البرجوازية في مطلع أربعينات القرن الماضي بحق إعلام الثورة الفلسطينية خصوصًا، وحركات التحرر اليسارية الشيوعية عمومًا. [1]

اقرأ/ي أيضًا: جوليان آسانج.. صحافي نادر على طريقته

من غينيا بيساو إلى الاحواز مرورًا بالبصرة وبيروت وعمّان والشام، كانت لطخات الحبر بين اعوجاجات الأكُفّ وصوت مفاتيح الآلة الطابعة، بمثابة إدانة دامغة بتهمة "تقويض نظام الحكم والاخلال بالأمن والسلامة العامة".

لم تجزع الأنظمة البرجوازية يومًا من الواقع الذي تشيّده حركية رأسمالها المتوحش. لا تخاف الأنظمة البرجوازية الكشف عن لازمة الفقر والقمع والنهب والقتل، في تراتيل الموت ومجالس العزاء. لا تخاف البرجوازية من مشهديات الواقع الذي تخلقه أنماط استغلالها المُنظّم. فنَجاةُ فقير واحدٍ من فقرائها، وشبعُ فرقة واحدة من جياعها، وإخلاء سبيل جمعٍ متواضعٍ من سجنائها، هي أحداث كافية لتزيد من "الخزّان الاحتياطي"لأخلاقياتها الغيبية المترهلة. خلاصٌ فردي واحدٌ كفيل في أن يدعم مفاهيمها السياسية الموحشة، تلك التي تُحصّن بدعة "الشرعية المؤسسية الدولاتية" و"الحرية الفردية" ولاهوتية "العدالة" في مفاهيم عقودها الاجتماعية بشكلها الرأسمالي المعاصر.

لذا ترى السلطات لا تمانع قيام مجموعات من الكُتّاب والمحررين، بتوثيق وكتابة مآسينا وآمالنا وأحلامنا أو حتى كفاحاتنا. لا تُمانع بتوسع مراكز الأبحاث ومنصات الإعلام التي تُسهب في تفسير ميكانيكيات الفعل المؤسسي البرجوازي، بالأرقام والنصوص القانونية والوثائق. لكنها تمانع القلم الذي لا يكتفي بمشهديات الواقع، أو كشف النقاب والاستقصاء عما خفي من أساريره.  هي تمانع القلم الذي لا يكتفي بتحدي جاه السلطة واحتكارها لمعرفة الوقائع والأحداث، كما تفعل الصحافة الاستقصائية الصفراء. هي تمانع ذاك القلم الذي يشرع في انتزاع معالم المشهدية عُنصرًا عُنصرًا، ويغوص في مخاض إعادة ترتيبها ضمن عملية حياكة يكون هاجسها الأول والوحيد، إبراز وحشية الطبيعة المُغرّبة للتناقضات داخل أزمنتنا المُتقاطعة. هي تمانع وتعادي القلم المشتبك.

تُعالج الأقلام المُشتبكةُ الواقعَ بإخراج التباينات والتناحرات والنزاعات من مواقعها اللامرئية التي تولد ثقافة التطبيع مع الاستغلال، فتعيدها الى حيز المرئي. هذا هو العنف الذي تتبناه الأقلام المشتبكة نهجًا لإعادة إخراج حيواتنا أمام أعيننا، فبعنف أقلامنا تتوضح حقيقة الإرهاب الذي يستبطن سيرورة الأيام. تهاب أنظمة العار البرجوازي جموع الفدائيين الذين يضربون حجارة هذا الواقع بين أقلامهم ليستخلصوا منها الحقيقة – حقيقة التناقضات التي تولّد حركة التاريخ – الحقيقة التي تنتزع من الغضب قرارًا بالعصيان – الحقيقة التي لا تكتفي بإعادة هندسة سردياتها عن تاريخ اليومي وثقافة المجهول، بل تنتزع من كنف الاضطراب والتشرذم عصباويةً، تنحت من الغضب بيانَ تحررٍ ومن الشَّجن إيقاع اشتباك ينتظم بوجه صيرورة التناقضات اللامتناهية.

  لم يخف النظام الأردني عُصبة التحرر في الأربعينات لأنها كشفت النقاب عن تبعية سياساته و"فساده"، بل هابها لأنها فكّكت بناءاته التكوينية. لم تخف الرأسمالية الأوروبية عصبة غينيا بيساو التحررية في الخمسينات لأنها وعّت أطفال إفريقيا على آليات الرقابة والتعذيب في البناءات الرأسمالية العنصرية، بل هابتها لأنها كانت تحرّضهم للثأر على الاستغلال الذي يحكم حيوات آبائهم العمال والمزارعين على أرضهم الأفريقية المستعمرة. لم تخف السلطات اللبنانية مركز الأبحاث الفلسطيني - الذي عبّدت للصهاينة الطريقَ لنهبه عام 1982 - لأنه كان ينتج مقالات معارضة لسياساتها، بل هابته لأنه نظّم الفدائيين والكتاب كتفا بكتف، ليشحذوا مشهديات المسرح اللبناني محوِّلين طقس القراءة في لبنان من عملية نقل وأرشفة ونقد للأحداث، الى عملية إعداد وجداني للإعلان عن النفير.

تجاوزت تلك الهيئات طابعها الإعلامي المعرفي الإنتاجي الذي أباحته لها سلطات رأس المال وأسواقها الوحشية، وتجاوزت محددات الإنتاج السلعي للخَبَر والحدث والمعلومة، ودخلت في مخاض انتزاع الحقيقة من الواقع... والمعنى من الحقيقة. كان منطق ونهج تلك الهيئات الإعلامية التحررية، نهجًا طبقيًا جماهيريًا، ينادي كل عنصر من عناصر الجمع أن: حلّل حرّض تنظّم.

 هكذا كان إعلامهم - إعلامًا فدائيًا.

 الإعلام الفدائي يتّسم بعنصرين تكوينيين رئيسيين وهما: أ- عنصر الاشتباك المبني على أساس قراءة سياسية ب - عنصر التحريض المبني على أُسُس تفكيكية تسطفّ على نحو يبين التناقضات التي يكتنفها الواقع. إدراكنا للتناقضات هو الذي يموضعنا ضمن صراعات الواقع الرأسمالي، وهو الذي يرشد تعريفنا لوجودنا وقضايانا. لذلك نقول إن الإعلام الفدائي أو المشتبك يقوم على أساس أيديولوجيّ وبنية رفاقية منظمة.

عطفًا على الإطلالة التاريخية السابقة نقول، إن الإعلام الفدائي هو امتداد لتيار فكري يساري تحرري متجذّر، نجد بذوره في أولى انتفاضات شعوب المنطقة على الاستعمارات المتعاقبة التي مرت على هذه الجغرافية، وصولًا إلى إنشاء هذه الكيانات الدولاتية بأنظمتها السياسية القمعية والبرجوازية التابعة. الّا أنه ومع الثورة التكنولوجية واشتداد معالم النيوليبرالية المُؤمولة، شهد العالم توسّعًا هائلًا في سوق الإعلام العالمي، كان مواكبًا لهزيمة حركات التّحرر عالميًا واستحكام سلطة رأس المال المعولم على معالم وسياسات الإنتاج والبث المرئي والمسموع على أنواعها. فاستوطنت العقلية السلعية حركية الفعل الإعلامي والصحفي وباتت مقاربات العرض والطلب تتحكم بشكليات ومضامين المادة الإعلامية الصحفية المنتجة. فازدادت منابر نقل الخبر وتوسعت الصحافة الاستقصائية، مُقابل تقلّصٍ وتراجعٍ في الأشكال القاعدية المُنظمة التي كانت تُشكّل بُنية الصحافة والإعلام المُشتبك/الفدائي.

في تشرين 2019 دخلت جماهير العمال على الأرض اللبنانية في غمارمواجهة ضروس ضد الطبقة البرجوازية الحاكمة، وبالأخص ضد أعتى عمادَين للدولة اللبنانية الحديثة وهُما: القطاع المصرفي والآلة الأمنية العسكرية. ومع استعار معالم هذا الالتحام الوجودي (لكن غير المنظم بعد)، توسّع فضاء ما اصطُلح ويُصطَلح عليه بالـ "الإعلام البديل".وكان لهذه اللفظة - شأنها شأن الكثير من الألفاظ النخبوية التي تقودها الثلّة الأكاديمية في البلاد - أن استلبت الفروقات الجوهرية بين المنابر الصاعدة. إن أنماط الاحتواء اللغوي الممنهجة هذه دائمًا ما تساهم في إفراغ مضامين الفعل المعرفي من أبعاده السياسية، فتراها تساوي ما بين المادّة الإخبارية السياسية وتلك التفكيكية المسيّسة، متغاضية عن التباينات بين تلك الممولة والأخرى غير الممولة، وبين تلك المعتمدة على متطوعين بالمفهوم المؤسسي وتلك القائمة على نهج فكري تحرّري وبنية عمل رفاقية منظمة (الإعلام المشتبك).

لهذا نقول، إن ثمة فجوة في بنية ما يسمى بالإعلام البديل. فالإعلام البديل على شاكلته الحالية، يتبنى ويعيد إنتاج ثلاث مقاربات مغالطة للإعلام "الحر". وهنا نُفصّل باقتضاب هذه المغالطات:

أولا: إن بنية الإعلام البديل اليوم تزعم أن حرية الإعلام واستقلاليته تكمنان في مبدأ الحياد ونقل المشهد "كما هو". لا يقف حدود نقدنا لهذا المفهوم في القول إنه يساهم في تسطيح للأبعاد التي تحملها المشهديات الجماهيرية السياسية، بل إن هذه المقاربة كذلك تساهم في إجهاض المكامن الثورية في الغضب الشعبي، محوِّلةً إياه إلى سلسلة من الهبّات والـ"أحداث" المتناثرة التي لا يجمعها سوى البنية الفوقية للتطورات السياسية. في حين أن الإعلام الفدائي يدأب دومًا على تفكيك المشهديات الجماهيرية، من خلال الانطلاق من موقعه بين أوساط الطبقة العاملة، ومن البنى الاجتماعية الاقتصادية التي تتحدّد ضمنها (ورغمًا عنها) الحركية الجماهيرية وآفاقها.

 الإعلام الفدائي يشْرع بعملية التفكيك/التحليل المؤدلج هذه، من خلال الاشتباك والتناحر مع صفوف الطبقة العاملة على الأرض، فبالنسبة لهذا النهج المشتبك لا ينتهي الإعلام مع عملية نقل الخبر، بل يبدأ منه نحو فعل تحليلي توجيهي ممنهج لا ينحاز إلى أوجاع الناس، بل إلى تنظيم استراتيجيات لعملية التحرر من المنتظمات التي تُعيد إنتاج تلك الأوجاع. وهُنا تكمن الجزئية التحريضية لمهمة الإعلام الفدائي التنظيمية. هنا يظهر الإرث الماركسي جليّ المعالم ليذكرنا، أن التحريض ليس إلا عملية بلورة لذروة الغضب الشعبي العارم ونقلها من فضاءات التعبير المحض عن "الذات الجماهيرية" نحو عملية التجذير والتنظيم. تتمّ هذه العملية عبر تبني موقع النقيض لا المعارض ولا المُعَرّي للنُظُم الحاكمة. التحريض هو إخراج الحركة الشعبية من آنياتها المطلبيّة الضيّقة، ومن هنا نتكلم عن الإنزلاقة الثانية:

يفترض الإعلام البديل أن الإشكالية الشعبية/الجماهيرية الوحيدة تكمن في "جهل" الناس أو في "شحّ المعلومات"، التي - وفي حال تم نشرها في الوسط العام - لها أن تبلور "وعي" الشعب تلقائيًا محفزةً إياه للدفاع عن "حقوقه". هكذا يتخذ الإعلام البديل لنفسه موقع الجهة التوعوية. ان هذا الزعم يفترض أن حركة الشارع فعل ميكانيكي التكوين وأحاديّ الوجهة، وهذا تسخيف لتاريخ الوعي الشعبي الذي هو في الحقيقة وعي طبقيّ – وعي للصراع الكائن بين وضعيات مُتناقضة من العلاقات الاستغلالية، التي تحكم صيرورة الدولة الرأسمالية المعاصرة كما رأينا في قصص من سبقونا من فدائيي جبال عمّان. لذلك فإن التوعية بحد ذاتها لا تكفي، بل وأحيانًا لا أثر تقدمي لها دون رؤية شاملة لمنابع الاستغلال، وهنا تتراءى لنا ضرورة التفكيك المؤدلج للحدث الشعبي أو السياسي بالمجمل من جهة، وللسردية التاريخية وعمليات استنهاضها وربطها ببنى الحاضر من جهة أخرى. هكذا يُبنى الحسّ الطبقي نحو الوعي التحرري الثوري الأشمل.

إن تجاهل هذه الصيرورة المركبة للوعي الشعبي، بالإضافة إلى تسطيح مكامن ضعفها هو ما يوقع الإعلام البديل في لبنان خاصة والعالم عامة في مغبات التجريد والاستلاب. تصبح الثورة والحركة الشعبية والاحتجاج والغضب مجرد حلقات مستفحلة من الإستياء الجماعي، ويصبح الخبر بحد ذاته ركيزة للحقيقة الكائنة ضمن الشارع، وتُخلق أكاذيب مثل "خطاب الشارع" و"مزاج الشارع" و"قرار الشارع"، ويصبح كل ما يُقال أمام العدسات مرجعية "لدراسة" الـ"إرادة الشعبية". ليس في هذا التبسيط الاختزالي لخطاب الجماهير إلّا إمعانا (ولو غير مقصود) في تمييع إمكانيات بلورة الخطاب على نحو جذريّ ذو مبادئ متينة ومسار نقديّ. يُنتج تراكم التمييع الخطابي هذا عملية احتواء لأبعاد تطور الخطاب والتطبيع مع فكرة أن الـ "ثورة" هي سلسلة من ردود الأفعال الشعبية التي تشتد وتخور مع تتابع الأزمات، وهذا التصور يشرعن للخطاب اليميني المعارض ركوب موجة الاحتجاجات المطلبية واختراقها بمسميات ومفاهيم "الإعلام البديل" المميعة، التي تحوم حول إعادة إنتاج مفهوم الخلاص الفردي المُعلّب ضمن البُنى الدستورية القائمة. إن هذا النهج التجريدي يضع "الإعلام البديل" في موقع مؤازر، بشكل مباشر أو غير مباشر، لخطاب الثورة المضادة.

أما الإعلام الفدائي ، فلا يمكن أن يكتفي بنقل الحدث، بل يُمعن في الاشتباك مع مكوناته السمعية والبصرية والمفاهيمية والحركية، حتى تتجلى تناقضاته التي تحاك مشهدًا مشهدًا لإعادة ترتيب معالم المشهدية والرؤية الجمعية. فالواقع ليس رهينة أحداثه، بل هو خُلاصةُ مسيرة تتقلب وتتاتبع ضمن جدلية ملحميّة مع اللغة التي تواكبها.  أما معضلة نقل الخبر فتؤدي بنا الى الانزلاقة الثلاثة:

إن هذه المعضلة متجذرة في بنية الإعلام البديل المتماهية وبنية المنظمات غير الحكومية في البلاد، ألا وهي  التسليع الإعلامي. فبين مهمة "نقل الخبر" المجردة وتمييع الخطاب والحياد المستلب والمستلِب والتوعوية الفضفاضة غير المُسيّقة، تكمن بذور السوق الإعلامي النيوليبرالي المعاصر. في السوق الإعلامي يصبح الخبر والخطاب سلعةً تُحددُ ماهية التغطية ومدتها ونمط معالجتها. وخلافًا لذاك النهج التسليعي، فإن الإعلام المشتبك - التحريضي يصوغ أدواته ومعالجاته على اعتباره أداةً سياسية تحررية ضمن ترسانة الصراع الطبقي.

ليس الفعل أو المشهد بالنسبة لهذا النهج التحريضي حدثًا أو خبرًا، إنه سرديات تتناحر بين تماوجات الغضب الشعبي وإرادة التنظيم الطبقي التحرري الشامل. لم يبدأ هذا النهج في جبل عماّن، ولم ينتهي في أكبر عملية سطو على مركز أبحاث الثورة الفلسطينية في بيروت. صحيح أن النيوليبرالية فرضت على حركاتنا التحررية الكثير من الجبهات وأطيافًا من العداوات التي تتربّص بعملية تبلور الوعي الطبقي الثوري. تزداد معالم المعركة التي تشنها الدولة الرأسمالية بأيديولوجياتها القومية تعقيدًا، محولة صراع الوجود الى صراعات يومية مطلبية الطابع فردانية الشكل. لكن تبقى الحقيقة أن عتيّ المرحلة يؤكد ضرورة الشروع بعملية تدشين معالم الاشتباك التحرري، من خلال التركيز على الأبعاد الأممية للصراع الطبقي، التي تقضّ مضاجع قومية الدولة النيوليبرالية. صراعات تقذف البرجوازيات الحاكمة في غياهب اللامرئي، لكنها ستبقى هناك في المخيمات الفلسطينية والسورية،  وفي قرى عرسال وأزقة طرابلس المعسكرة وفي أحياء العمال المهاجرين، ستبقى تتوهج عند أعتاب سفارات عاملات المنازل وزنازين المنظمات غير الحكومية المدعوة بالملاجئ حيث يبات شبح التنظيم العمالي النقابي.

لا يمكن أن نسمح لملاجئ عصبة التحرر ان تُداهَم مرتين، لا يمكن أن نعود في غضبنا إلى صفر زمانه كل مرة تشتد فيها قبضة النيوليبالية على أعناقنا. لا يُمكن أن نسمح للغتنا الإعلامية أن تُستوطن بعقيدة الإعلام المسلع. علينا أن نمضي على خطى الإعلام الفدائي التحرري – أن نمضي على نهج طبقي جماهيري، ينادي كل عنصر من عناصر الجمع أن: حلل حرض تنظم.


[1] من التاريخ المحكي لعصبة التحرر الوطني بالإضافة إلى مذكرات سمير سمارة

 

اقرأ/ي أيضًا:

 الهيئة المصرية للصحافة.. سيف الأمن على رقبة أهل المهنة

مراسل الحاجة والمجازفة