أطلق المتظاهرون في لبنان دعوات لإجبار حكومة حسان دياب على وقف دفع أقساط الديون المستحقة على البلاد والمطالبة ببدء التفاوض حول هيكلة وإعادة جدولة هذه الديون وعدم الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وخلال ثلاثة أيام متوالية تم تنظيم عدة مسيرات ومظاهرات وندوات ولقاءات تحت شعار "لن ندفع الثمن".
خلال ثلاثة أيام متوالية تم تنظيم عدة مسيرات ومظاهرات وندوات ولقاءات في لبنان تحت شعار "لن ندفع الثمن"
وقد دعا عدد من المجموعات والائتلافات السياسية والنقابية مثل مجموعة لحقي، وتجمع مهنيات ومهنيين لبنان ومجموعة شباب المصرف وغيرهم إلى مسيرة ضخمة انطلقت مساء السبت من أمام مصرف لبنان، ساحة ساسين، وزارة المالية وجمعية المصارف اللبنانية نحو ساحة الشهداء لتقديم مطالبهم.
اقرأ/ي أيضًا: دفعة جديدة على حساب اللبنانيين: ما الذي سيحدث بعد تسديد اليوروبوندز؟
وخلال المسيرة تعرض عدد من المتظاهرين إلى الاعتداء من قبل مجموعات حزبية تابعة للسلطة في محيط جسر الرينغ بوسط بيروت، في محاولة لإنهاء الفاعلية، إلا أن حضور القوات الأمنية السريع وتأمين المسيرة كفل لها الحماية لإكمالها عبر تغيير اتجاهها نحو ساحة رياض الصُلح ثم ساحة الشهداء بدلًا من وزارة المالية وجمعية المصارف اللبنانية.
وعقب وصول جميع المسيرات وتجمع المتظاهرين بساحة الشهداء تم إلقاء خطاب باسم كل المجموعات المشاركة قالوا خلاله إن الحكومة الجديدة قد تشكلت من المحاصصة والتسويات من داخل الطغمة القابضة على البلد والخاضعة للمنظومة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية نفسها، وإن هذه الحكومة تحاول نكران الواقع الذي فرضته ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر، في الوقت الذي لا تملك فيه أي خطة اقتصادية إنقاذية تحول الاقتصاد من ريعي إلى منتج، وتحفز الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم والتي تستطيع أن توظف آلاف اللبنانيين وأن تجذب الاستثمارات إلى البلد، بل غلبت مرارًا مصالح الدائنين على مصالح المودعين.
وأضاف البيان "أن رئيس الحكومة تبنى موازنة وضعتها المنظومة الفاسدة وورقة إصلاحية أسقطها الشارع بتغطية من قوى وأحزاب السلطة مجتمعة، وأن هذه الحكومة قد نالت الثقة ببيان خالٍ من أي خطة واضحة وبمجلس نيابي فاقد الشرعية، وإنها ثقة مهتزة ومهترئة جرت في الوقت الذي تحول فيه وسط بيروت إلى ثكنة ضخمة استخدمت فيها القوى الأمنية كافة أنواع البطش والتنكيل والضرب، تحت وابل من الغاز المسيل للدموع بمؤازرة قوى الأمر الواقع لتأمين وصول النواب إلى البرلمان الذين تسلل بعض منهم ليلًا والبعض الآخر في مدرعات عسكرية، بعد أن واجههم الثوار في الشارع بمطالبهم الاقتصادية والاجتماعية المحقة وهتافات رافضة لإعطاء الثقة لسلطة مسؤولة عن 90 مليار دولار من الديون الناتجة عن فسادهم".
وحذّر البيان الحكومة من دفع سندات اليورو بوند المستحقة الشهر القادم، متوعدًا بإسقاطها مثلما تم إسقاط حكومة الحريري، مطالبين بإعادة هيكلة شاملة للدين العام ورفض كل خطوات الذهاب إلى صندوق النقد، أو تحميل صغار المودعين ثمن جشع أصحاب رؤوس الأموال وجمعية المصارف برعاية حاكم مصرف لبنان والسلطة السياسية، ورافضين ما وصفوه بسطوة أصحاب رؤوس الأموال وجمعية المصارف على القرارات النقدية والاقتصادية النابعة من مصلحة هؤلاء على حساب المصلحة العامة، ومعبرين عن انحيازهم التام إلى مطالب الشعب في استقلالية القضاء، واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين وكل من شارك في هذا النظام الاقتصادي الذي أوصل البلاد إلى حافة الإفلاس.
وكانت المجموعات السياسية والثورية قد نظمت وقفة مساء يوم الجمعة الماضي أمام مصرف لبنان للتضامن مع الصحفي الاقتصادي محمد زبيب الذي تم الاعتداء عليه مساء الخميس عقب إلقاءه محاضرة عن الاقتصاد اللبناني وطالب فيها بعدم دفع أقساط الديون، وهي الوقفة التي تمت الدعوة من خلالها لمسيرة "لا ثقة، لن ندفع الثمن" للمطالبة بعدم دفع قسط يوروبوند المستحق في شهر مارس وعدم الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وتحميل صغار المودعين ثمن الانهيار الذي سببته سياسة النظام الحاكم.
وقالت فاطمة الرضا، إحدى المشاركات في المسيرة لـ"ألترا صوت": لقد جئت اليوم للتعبير عن غضبي الشديد من الأوضاع الاقتصادية الحالية. إنني أقف بالساعات أمام باب المصرف للحصول على 100 دولار فقط من حسابي أسبوعيًا تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية، في الوقت الذي تقوم فيه البنوك بتحويل مليارات إلى حسابات الفاسدين في الخارج".
اقرأ/ي أيضًا: "يسقط حكم المصرف".. عقدة رياض سلامة في منشار الاقتصاد اللبناني
بينما قالت رنا غصن: "إنهم يريدون تحميلنا نتائج فسادهم بإجراءات جديدة أشد قسوة. إن الذهاب إلى صندوق النقد الدولي والاقتراض منه وفق شروطه يعني أننا سندخل في موجة فقر أشد من التي نُعانيها الآن، وكلنا نعرف أن هذه القروض سيتم سرقتها مثل كل الأموال والقروض التي دخلت لبنان سابقًا، لقد جئت لأقول لهم لن أدفع ثمن فسادكم".
يواجه لبنان أزمة اقتصادية شديدة وسط تراكم أعباء الديون التي ناهزت الـ 100 مليار دولار، حيث يستحق عليه تسديد قرابة 4.5 مليار دولار هذا العام، يجب دفع الجزء الأكبر منها خلال الشهر المقبل
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية شديدة وسط تراكم أعباء الديون التي ناهزت الـ 100 مليار دولار، حيث يستحق عليه تسديد قرابة 4.5 مليار دولار هذا العام، يجب دفع الجزء الأكبر منها خلال الشهر المقبل بقيمة 1.8 مليار دولار لسندات يوروبوند، وقد صرح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأن الحكومة اللبنانية طلبت رسميًا المساعدة الفنية في وضع خطة لتخطي الأزمة الاقتصادية.