يلجأ المتنافسون في أي مجال إلى وضع قواعد وأسس للمنافسة، هي عبارة عن نقاط يلتزم بها كلا الطرفين وتسمى بـ"قواعد اللعبة". في سوريا بدأت اللعبة في 15 آذار/مارس 2011، وقد فرض النظام باعتباره طرف السلطة المستبدة القوية قواعد اللعبة، لكنه وحتى اليوم لم يلتزم بأي من القواعد التي فرضها، فاللعبة في سوريا قامت واستمرت على قاعدة "الأسد أو نحرق البلد"، وها نحن اليوم نواجه بلدًا محروقًا وأسدًا لم يرحل.
تلاعب الأسد بالعالم وأرغم الجميع على الامتثال لكونه حامي العلمانية والأقليات
مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا، والتي هدفت للحرية والكرامة الإنسانية التي سلبها حزب البعث العربي الاشتراكي بانقلاب عسكري عام 1963، تصدرت هذه الاحتجاجات عناوين الصحف العالمية، العالم نفسه لم يصدق أن ينتفض السوريون في وجه دكتاتورهم، لكن هذه كانت دورة الحياة الطبيعية، فالجيل الذي كمم الأسد الأب أفواهه بالحديد والنار أنجب شبابًا متحضرًا ومثقفًا يريد أن يعيش في وطن يرقى لمستوى مقدراته من تجارة وصناعة وزراعة ونفط وسياحة، وينطلق ذلك من كون سوريا بلدًا يمثل أقدم صورة للإنسان الحالي.
لقد تلاعب الأسد بالعالم بأشكاله، وضع قواعد اللعبة كما يحلو له، وغيّرها كما يحلو له، حمل سلاح الإرهاب في وجه المليارات السبعة من سكان الكرة الأرضية، وأرغم الجميع على الامتثال لكونه الوحيد حامي العلمانية والأقليات، هو صانع "أبو القعقاع" والمورد الأكبر للإرهابيين إلى العراق وغيره.
إقرأ/ي أيضًا: المقاطعة كخيار أخير مع مناصري القتلة
فالغرب لا يعرف الأدوات التي يضحك بها الأسد على الداخل السوري، أو ربما يتجاهل معرفته بها ويتجاهل التهديد الصريح له من مفتي جمهورية الأسد أحمد بدر الدين حسون، الذي قال إن لديه انتحاريين في كل العالم من الممكن أن يحركهم.
الأسد لم يكتفِ فقط بكسر قواعد اللعبة بل وبات يطلق قواعد تمنحه المسوغات تلو الأخرى في خطاباته مثل "سوريا لمن يدافع عنها " وهنا لا بد أنه كان يقصد روسيا وحزب الله والنجباء وأبو الفضل العباس وإيران وغيرهم، واليوم وعلى عكس المعروف بأن من لا يلتزم قواعد اللعبة يخسر.
يكتسب الأسد من جديد دعمًا كبيرًا يتمثل بصمت العالم بكل قواه العسكرية التي يستعرضها على المساكين من حين لآخر، ويمضي في تسليم مدينة حلب للميليشيات الأجنبية والإيرانية منها على وجه الخصوص في وجه مشرق من وجوه سيادة الدول، حيث يضع المقاوم والممانع الكبير واحدة من أوابد التاريخ الخالدة في تصرف آلات الجهل والتخلف والدمار.
يمضي الأسد في حلب إلى انتصار "تاريخي" ويقيم مؤيدوه تحت حماية الشبيحة والمليشيات ليالي الفرح في القسم الغربي من المدينة
يمضي الأسد في حلب إلى انتصار "تاريخي" وذلك بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، ويقيم مؤيدوه تحت حماية الشبيحة والمليشيات ليالي الفرح في القسم الغربي من المدينة، كما يلتقطون صور السيلفي على أطلال المدينة القديمة، وهنا أود أن أُذكر الجميع أن إحدى قواعد اللعبة لا يمكن أن تكسر يا " إخوة الوطن " ولا يصح انتصار دونها.
من العار أن تمضوا في تمجيد قائد والحديث عن انتصار لا يمنحكم مطلبكم الرئيسي والمبدئي من السلطة التي تجثمون تحت نيرها، من العار على الأسد أن يعلن انتصارًا وهو لا يزال عاجزًا عن جعل شقيقة مواطن سوري "شريف" تنهي عملها وتعود الساعة 3 فجرًا وحيدة دون أن يتعرض لها أحد.
في بداية الثورة السورية خرج مواطن سوري في إعلام النظام يعدد مميزات الأمن والأمان في عهد الأسد وقال بصريح العبارة "أختي كانت ترجع الساعة 3 بالليل وما حدا يحكي معها شي، بدنا الجيش يا سيادة الرئيس، بدنا الجيش". ولن يصِح لك انتصارٌ يا "سيادة الرئيس" إلا بعودة أخته.
اقرأ/ي أيضًا: