04-سبتمبر-2018

منعت الثورة السورية استمرار المفاوضات بين إسرائيل والنظام السوري (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

على عكس الدعاية التي يروجها نظام بشار الأسد لنفسه، بأنه النظام الذي لم يوقع ولم يقم بأي اتفاق تسوية مع إسرائيل، فإن المعلومات التي يكشفها كتاب وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، الصادر اليوم الثلاثاء، الرابع من أيلول/سبتمبر، تبين نقيض ذلك، إذ سعى بشار الأسد بشكل شخصي إلى توقيع اتفاقية مع إسرائيل، وطالب الولايات المتحدة بالدخول في وساطة من أجل إنجاز ذلك. واعتبر كيري أن بشار الأسد، الذي فشل والده بإعادة الجولان عبر المفاوضات، كان حريصًا بشكل خاص على القيام بذلك، مما دفعه إلى التطلع دائمًا إلى التوقيع على تسوية سياسية تضمن ذلك.

بعث رئيس النظام السوري، بشار الأسد، برسالة سرية في عام 2010 إلى الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، يقترح فيها استئناف محادثات السلام مع إسرائيل

وكشف تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، استنادًا إلى مقاطع من كتاب وزير الخارجية الأمريكي السابق، أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعث برسالة سرية في عام 2010 إلى الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، يقترح فيها استئناف محادثات السلام مع إسرائيل. وأفادت الصحيفة الإسرائيلية أنه تم مشاركة الرسالة أيضًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

اقرأ/ي أيضًا: صفر مشاكل نتنياهو مع بشار الأسد.. الجولان جبهة "حميمة"

وحسب كتابه المنشور مؤخرًا بعنوان Every Day is Extra، أوضح كيري بشكل مفصل، أن "الأسد سألني ما الذي يحتاجه الدخول في مفاوضات سلام جدية، من أجل أن نضمن عودة الجولان"، الذي احتلته إسرائيل عام 1967. أجاب كيري: "قلت له إنه إذا كان جادًا فعليه تقديم اقتراح خاص. سأل عما سيبدو عليه هذا الاقتراح. شاركت معه أفكاري. ثم أصدر تعليمات لمساعده من أجل كتابة رسالة من الأسد للرئيس أوباما".

وبخصوص مضمون هذه الرسالة، كما يوضح الكتاب، فقد دعا الأسد أوباما إلى دعم القيام بمحادثات سلام جديدة مع إسرائيل، مشيرًا إلى "استعداد سوريا لاتخاذ عدد من الخطوات مقابل إعادة الجولان من إسرائيل".

وبعد لقاء الأسد بوقت قصير، زار كيري إسرائيل وشارك هذه المعلومات مع نتنياهو، الذي "فوجئ أن الأسد كان مستعدًا للذهاب إلى هذا الحد"، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اعتبر أن الأسد يذهب بهذا الاقتراح إلى حيث لم يذهب قط.

وحسب كيري، فقد أخفق الأسد أخيرًا في الوفاء بوعوده، عندما طالبته إدارة أوباما باتخاذ "إجراءات لبناء الثقة" تجاه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تضمن ذلك وقف إمدادات الأسلحة إلى حزب الله من إيران عبر سوريا، فيما يبدو أن اندلاع الثورة السورية بعد عام من ذلك، قد أوقف المفاوضات.

فوجئ نتنياهو أن الأسد كان مستعدًا للذهاب إلى هذا الحد، كما اعتبر أنه يقدم تنازلات أكثر من أي وقت مضى

ولا يعد كشف كتاب كيري عن هذه الرسالة، الأول من نوعه حول مفاوضات سورية إسرائيلية. كما أنه من الواضح أن رسالة الأسد قد لاقت قبولًا إسرائيليًا، وتطبقت على أرض الواقع من خلال محادثات سرية. ففي عام 2012، بينت عدة صحف إسرائيلية وأمريكية، منها صحيفتا يدعوت أحرونوت ونيويورك تايمز، أن مفاوضات سرية بين سوريا وإسرائيل، قد جرت بالفعل برعاية أمريكية. ولعدة أشهر في عام 2010، شارك نتنياهو بنفسه، لإبرام معاهدة سلام على أساس الانسحاب الإسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي فرص استمرار التحالف الروسي الإيراني بعد انتهاء الحرب السورية؟

واعتبر ميخائيل هيرتزوغ، وهو رئيس سابق لطاقم الموظفين في وزارة الأمن الإسرائيلية، وشارك شخصيًا في هذه المحادثات، أن الثورة السورية قد أعاقت مسيرة مشروع تسوية "متقدم". ويضيف في تصريحات نقلتها يدعوت أحرونوت، أنه "كانت هناك قائمة مفصلة بالمطالب الإسرائيلية، التي كان من المفترض أن تكون بمثابة أساس لاتفاق سلام". وأوضح أن هذه المطالب ركزت على الترتيبات الأمنية والسياق الإقليمي.

دعا الأسد أوباما إلى دعم القيام بمحادثات سلام جديدة مع إسرائيل، مشيرًا إلى "استعداد سوريا لاتخاذ عدد من الخطوات مقابل إعادة الجولان من إسرائيل"

ويبدو أن إسرائيل لم تعد متحمسة للتخلي عن سيطرتها على الجولان. في 23 آب/أغسطس الماضي، قال نتنياهو لوكالة رويترز إنه لم يفقد الأمل في أن تعترف الولايات المتحدة بحق تل أبيب في هذه المرتفعات، رغم أن مجلس الأمن أدان احتلالها واعتبر بأنه كان خطوة غير قانونية.

مع ذلك، لم تتخل إسرائيل عن التنسيق الأمني مع بشار الأسد، وأبدت رغبتها بعودة استقرار النظام السوري، فيما يبدو أنه رغبة بالعودة إلى محادثات ما قبل 2011. ومنذ العمليات التي بدأ الأخير بالقيام بها في المناطق الحدودية، جنوب وجنوب غرب البلاد، لإعادة السيطرة على آخر المساحات التي تديرها المعارضة، نُشرت عدة تقارير عن تنسيق عالي المستوى بين النظام السوري وتل أبيب، فيما يتعلق بإعادة وجود قوات النظام في هذه المناطق، ضمن شروط اتفاق فك الارتباط الموقع في السبعينات، وعلى أساس استبعاد القوات الإيرانية من المناطق الحدودية، بالإضافة إلى حزب الله.

وكان نتنياهو، قد أعلن يوم الخميس الـ12 من تموز/يوليو الماضي، أن إسرائيل لا تعترض على قيام رئيس النظام السوري بشار الأسد، بإعادة نفوذه وإعادة السيطرة على البلاد. مضيفًا: إننا "لم نواجه أية مشكلة مع نظام الأسد منذ 40 عامًا، ولم يتم إطلاق رصاصة واحدة على مرتفعات الجولان". وبين نتنياهو: "لقد وضعتُ سياسة واضحة لا نتدخل بموجبها ولم نتدخل. ما أزعجنا هو داعش وحزب الله، وهذا لم يتغير. إن محور القضية هو الحفاظ على حرية تصرفنا ضد أي شخص يتصرف ضدنا. ثانيًا إزالة الإيرانيين من الأراضي السورية".

بينما عبر وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في مطلع شهر آب/أغسطس الفائت، عن رغبة إسرائيل وشعورها بالاطمئنان حيال عودة قوات النظام السوري إلى المناطق الحدودية، معتبرًا أن هناك فوائد محتملة من هذه العودة لأمن إسرائيل، وأن المستوطنين على الحدود مع سوريا يمكن أن يعيشوا في هدوء أكثر وللسياحة فرصة بالعودة إلى سابق عهدها في الجولان مع وجود بشار الأسد على الحدود دون الإيرانيين أو رجال حزب الله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ليبرمان: سكان "شمال إسرائيل" سيشعرون بالأمان بعد عودة الأسد إلى الحدود

إيران وداعش خارج الجنوب السوري.. موسكو الوفية لمتطلبات تل أبيب