17-نوفمبر-2023
hgüda hgwid,kd td z.m

(Getty) جيش الاحتلال بالقرب من قطاع غزة

بعد أسبوعين من إطلاق عملياته البرية داخل قطاع غزة، يحتفظ جيش الاحتلال الإسرائيلي بحوالي أربعة فرق (حوالي 10.000 جندي) في المنطقة. وبينما تشق بعض طوابير الدبابات طريقها إلى وسط مدينة غزة، تعمل قوات أخرى في البلدات التي أصبحت الآن في الغالب فارغة بعد تهجير سكانها، حيث يتنقلون من منزل إلى منزل بحثًا عن المزيد من فتحات الأنفاق.

يتحدث أحد ضباط جيش الاحتلال لمجلة "إيكونوميست" البريطانية قائلًا: "ستكون هذه فرصتنا الوحيدة للقضاء على أكبر قدر ممكن من شبكة "حماس" تحت الأرض"، في إشارة إلى نظام الأنفاق التي بنته الحركة، والتي تقدر مصادر إعلامية أن طوله يبلغ 500 كلم. ويضيف: "لا نعرف المدة التي يتعين علينا أن نعمل فيها وعلينا تحقيق أقصى استفادة منها قدر الإمكان".

ورغم الادعاءات الإسرائيلية بالتقدم في غزة، يشير تقرير للمجلة البريطانية، إلى أن الدعم الغربي للحملة الإسرائيلية يتراجع. ففي 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف إطلاق النار في غزة، قائلًا إنه على الرغم من دعمه لحق "إسرائيل" في الرد على هجوم "حركة حماس" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن: "في الواقع، هناك أطفال، وهناك سيدات، وهناك كبار السن تعرضوا للقصف والقتل". وتابع: "لا يوجد سبب لذلك ولا شرعية".

السبب الرئيسي لتردد الحكومة هو أملها في التوصل إلى اتفاق مع "حركة حماس" بشأن إطلاق سراح عدد كبير من الرهائن

تلفت "إيكونوميست" إلى أن الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لـ"إسرائيل"، لم تطالب بعد بوقف إطلاق النار، لذا فإن الجيش الإسرائيلي لا يضيع أي وقت. ومع ذلك، فقد وصل إلى نقطة حرجة في حملته العسكرية، حيث أصبحت أهداف الحكومة الإسرائيلية المعلنة (تدمير البنية التحتية العسكرية لـ"حماس" وإنقاذ الرهائن الـ239 الذين ما زالوا محتجزين في غزة)، في توتر متزايد.

وفي الأيام الأخيرة، تركز الاهتمام بشكل كبير على المستشفيات في وسط غزة، وخاصة مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع. ومن المعروف أن هذه المراكز الطبية قد أصبحت غير مخصصة فقط للمرضى والجرحى، وإنما لآلاف المدنيين الذين بقوا في المدينة، ويحتمون حولها.

قال طبيب في المستشفى الأهلي "المعمداني" إن إمدادات الدم في المستشفى نفدت يوم 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، مما حال دون نقل المرضى. وتعتقد المخابرات الإسرائيلية أن المستشفيات تقع أيضًا في المكان الذي يقع فيه المقر الرئيسي لـ"حركة حماس" تحت الأرض. واتهم العاملون في مستشفى الشفاء "إسرائيل" بإطلاق النار عليهم والتسبب في وفاة المرضى من خلال قطع الكهرباء عن المستشفى.

وفي 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيفتح طريقًا لخروج المدنيين من مستشفى الشفاء ومستشفيين آخرين، وهو ما سيوصلهم إلى الطريق المؤدي إلى جنوب قطاع غزة.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الأمر بشن هجوم نهائي على المستشفيات التي يقول إنها مقر لـ"حركة حماس" لم يأت بعد من حكومة الحرب التي يرأسها بنيامين نتنياهو. ولكن في اليوم نفسه، صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، لشبكة "سي بي إس نيوز"، رغم ادعائه بوجود "معلومات مفتوحة المصدر" تشير إلى استخدام "حماس" للمستشفيات كمخابئ للأسلحة ومراكز قيادة؛ أن بلاده: "لا تريد أن ترى معارك بالأسلحة النارية في المستشفيات"، حيث يتواجد "الأبرياء والمرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية في مرمى النيران".

السبب الرئيسي لتردد الحكومة هو الأمل في التوصل إلى اتفاق مع "حركة حماس" بشأن إطلاق سراح عدد كبير من الرهائن. وفي المقابل، ستطلق "إسرائيل" سراح بعض الأسرى الفلسطينيين التي تحتجز 4450 منهم في سجونها، وستسمح بدخول المزيد من الإمدادات، بما في ذلك الوقود، إلى غزة. وتجري محادثات غير مباشرة حول صفقة بوساطة قطر ومصر، ولكن الكلمة الأخيرة ستكون لقائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، الذي يعد الهدف الرئيسي لإسرائيل، وفق ما تقول الصحيفة البريطانية.

ومن غير الواضح ما إذا كان أي اتفاق من شأنه أن يؤجل محاولة الجيش الإسرائيلي تدمير أي منشآت تابعة لـ"حماس" بالقرب من المستشفى أو أسفله، ويبدو أنه من غير المرجح أن يتم التخلي عنها.

ومع استمرار المفاوضات المتوترة، تحاول "إسرائيل" تهجير أكبر عدد ممكن من المدنيين المتبقين داخل مدينة غزة، والذين يقدّر عددهم بحوالي 100 ألف، على المغادرة إلى الجنوب أيضًا.

لكن رفض الحكومة الإسرائيلية الالتزام بأي شكل من أشكال السيطرة الفلسطينية على غزة بعد الحرب يؤدي أيضًا إلى تقويض الدعم الدولي لحملتها. ناهيك عن دعوة أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة احتلال غزة، وإعادة بناء المستوطنات التي قامت "إسرائيل" بتفكيكها هناك في عام 2005.

ورغم نفي نتنياهو أن تكون هناك أي خطط للقيام بذلك، لكنه أصر أيضًا على أن "إسرائيل" يجب أن تحتفظ بالمناطق التي أقيمت عليها المستوطنات التي تم تفكيكها، وذلك لفرض "السيطرة الأمنية الشاملة"، بما في ذلك القدرة على الدخول متى أرادت القوات الإسرائيلية للقطاع. وفي الوقت نفسه، استبعد نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، حيث قال إنها: "تعلم أطفالها كراهية إسرائيل، وقتل الإسرائيليين، والقضاء على دولة إسرائيل"، وأشار إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم يدن هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

في المقابل، أوضحت الإدارة الأمريكية أنها تريد بالفعل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بمجرد انتهاء القتال، وهي تعمل على تحقيق هذا مستقبلًا. ويبدو أن نتنياهو، الذي يتراجع دعمه الشعبي، أكثر قلقًا بشأن التشبث بقاعدته القومية المتقلصة من مصير القطاع بعد الحرب.

ومع ذلك، وفي إشارة إلى أنه قد لا يبقى في منصبه إلى الأبد، يعمل المسؤولون الإسرائيليون بالفعل، وبهدوء،  على وضع خطط لعودة غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية.