12-مايو-2024
 نهر النيل من أين ينبع

(freepik) تتعدد روافد النيل وينبع من بحيرة فيكتوريا

نهر النيل.. أطول أنهار العالم وأهمها، هذا النهر الممتد كشريان في شرق إفريقيا عليه تقوم حياة ملايين البشر، الذين كانوا وما زالوا يعلقون أسباب حياتهم عليه، وينظرون إليه بعين وجلة من قريب أو من بعيد.. هل ارتفع النهر لنفرح؟ هل انحسر النهر لنحزن؟ هل فاض النهر فنخاف؟

كانت علاقة أهل النيل به في مختلف البلاد التي يمر بها علاقة مركزية إلى حد بعيد، ولكن لعل الجزء الأبرز والأشهر مرتبط بنشأة الحضارة الفرعونية على ضفافه. وقد كان النيل أساس هذه الحضارة ومفتاحها، حتى أنه في المعتقد الديني الفرعوني ارتبط به عدة آلهة، فهناك الإلهان خنوم وحابي، أما خنوم ذو رأس الكبش فيعد سيد الماء وجالب الخصوبة إلى ضفاف النهر بما أن الماء سينتج طينًا بعد الطوفان، فقد كان يُعتقد أيضًا أنه خالق البشر. أما حابي (ويعني سعيد في اللغة المصرية القديمة) فهو الإله المتحكم في فيضان النيل ولديه وجه ذكوري وجذع أنثوي. وهذا لإظهار أنه أب النيل وأمه في الوقت نفسه، مما يعني أنه قادر على جلب الخصوبة. 

ولكن أبرز الأساطير المتربطة بالنيل هي أسطورة أوزوريس (إله العالم السفلي) الذي غار منه أخوه الإله "ست" وقتله، وقطع جثته إلى 40 قطعةألقاها النيل، وسار النيل به نحو البحر المتوسط لتتمكن حينها زوجته إيزيس (إلهة السحر) من جمع الأجزاء وإعادة إحيائه بل وأنجبت منه ابنهما الإله حورس الذي أخفته عن عمه ليكبر وينتقم من عمه ويقتله. وبذلك ارتبط موت أوزوريس وبعثه من جديد بفيضان النيل وانحساره.

ولم تكن الآلهة وحدها ما قدسه المصريون القدماء، بل حتى الحيوانات التي عاشت في النيل اتخذت بعدًا روحيًا، فكانوا يعبدون التماسيح وأفراس النهر من خشيتهم لها، وكانت أسماك النيل وطيوره رمزًا على الوفرة والبعث والحياة في الحياة الآخرة.

بحيرة فيكتوريا أكبر بحيرة للمياه العذبة في أفريقيا وثاني أكبر بحيرة في العالم من حيث مساحة السطح.

من أين ينبع النيل؟

النهر مجرى مائي متدفق مياهه عذبة، يبدأ من المنبع الذي تتعدد مصادر تشكله وينتهي بالمصبّ حيث يلقي مياهه الفوارة في مسطح مائي آخر، وقد شكل منبع نهر النيل لغزًا لمدة طويلة حتى استطاع المستكشفون تحديده بدقة، ليجدوا أن النيل رغم تعدد روافده يمكن اعتباره ينبع من بحيرة فيكتوريا الواقعة ضمن حدود 3 دول إفريقية هي أوغندا وكينيا وتنزانيا. وهي أكبر بحيرة للمياه العذبة في أفريقيا وثاني أكبر بحيرة في العالم من حيث مساحة السطح.

التسمية

قديمًا؛ تعددت تسمية تسمية البحيرة الكبيرة حسب القبائل التي استوطنت حولها: في الجانب الغربي تسمى (أم الآلهة الحارسة) أما في الجانب الجنوبي فتسمى نيانجا (ولاحقًا نيانزا) المسطح المائي الضخم، أما من ناحية الشرق فكانت تدعى تسمى البحيرة اللانهائية. وحديثًا اكتسبت تسميتها الحالية الشهيرة تيمنًا بالملكة فيكتوريا ملكة إنجلترا. واقترح التسمية المستكشف البريطاني جون هانينج سبيك الذي كان أول أوروبي يعثر على البحيرة في خمسينيات القرن الـ19 خلال رحلته للعثور على منبع نهر النيل، وقرر إهداء اكتشافه للملكة والبلد.

 

معلومات عامة عن بحيرة فكتوريا

فيما يأتي بعض المعلومات حول البحيرة

  • تشكلت بحيرة فيكتوريا في فترة تعد حديثة مقارنة بعمر الأرض، وكان ذلك منذ 400 ألف عام، وتعرضت للجفاف مرات عديدة
  • تعد بحيرة فيكتوريا من أهم البحيرات لأنها موطن للكثير من الكائنات كالطيور والثعالب والأسماك العديدة بالطبع
  • تمتاز البحيرة بمكانة ثقافية هامة في التراث الإفريقي حيث تعددت القبائل التي استوطنت قربها طلبا للماء، مما جعلها تكتسب ميزة تراثية ثقافية بالغة الأهمية.
  • يمكن التمتع برؤية مشهد غروب الشمس على سطح ماء بحيرة فيكتوريا حتى دون الوقوف على شواطئها.

نهر النيل هو أطول مجرى مائي في أفريقيا (6650 كم)، وثاني أكبر مجرى مائي في العالم بعد نهر الأمازون.

معلومات عن نهر النيل

نهر النيل هو أطول مجرى مائي في أفريقيا (6650 كم) والعالم، وثاني أكبر مجرى مائي في العالم بعد نهر الأمازون (من حيث معدل التدفق). ويتدفق عبر أراضي 11 دولة قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط ​​عند ما يسمى بدلتا النيل. حيث نجد مدينتي القاهرة، عاصمة جمهورية مصر، والإسكندرية، ثاني أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان. وفيما يأتي بعض المعلومات حول نهر النيل:

  • لنهر النيل ثلاثة روافد رئيسية تفسر السبب الذي لطالما شكل لغزًا للقدماء حين كان النهر يفيض في الصيف رغم أنه ليس موسم الأمطار: 
  1. النيل الأبيض: يعد هو الأطول ويتدفق طوال العام، ويبدأ من الجداول التي تصب في بحيرة فيكتوريا، ويظهر على شكل نهر فيكتوريا، ويستمر شمالًا إلى الخرطوم في السودان، حيث يلتقي بالنيل الأزرق.
  2. النيل الأزرق: تأتي مياهه من مرتفعات إثيوبيا، ويوفر ما يقرب من 60٪ من المياه التي تصل إلى مصر كل عام معظمها خلال فصل الصيف.
  3. نهر عطبرة: تأتي مياهه من مرتفعات إثيوبيا أيضًا مع النيل الأزرق ويشكل بنسبة 10% من إجمالي تدفق نهر النيل وتصل معظم مياهه تقريبًا بين شهري تموز وتشرين أول.
  • استغرق اكتشاف منبع النيل سنوات عديدة؛ إذ كان المصريون القدماء واليونانيون والرومان يبحثون عن منبع النيل لسنوات، ولكنهم دومًا فشلوا في المضي قدماً أبعد من منطقة تسمى السد (في ما يعرف الآن بجنوب السودان)، حيث يشكل نهر النيل مستنقعًا شاسعًا.هذا الغموض الذي يكتنف النهر، أظهره في الفن اليوناني والروماني الكلاسيكي أحيانًا على أنه إله ذو وجه مخفي.
  • ينعطف النيل في منطقة وسط الصحراء الإفريقية. ثم تتجمع روافده الرئيسية وتمضي شمالًا عبر السودان، ثم يتحول مجراه فجأة إلى الجنوب الغربي ويبدأ بالتدفق بعيدًا عن البحر. لمسافة حوالي 300 كيلومتر وكأنه يتجه عائدًا إلى وسط أفريقيا بدلاً من مصر. ثم يعود إلى مساره فيما يسمى بـ"الانحناء العظيم"، وهو أحد الميزات العديدة التي يسببها تكوين صخري ضخم تحت الأرض يسمى الانتفاخ النوبي. تشكلت نتيجة الارتفاع التكتوني على مدى ملايين السنين.
  • يتنوع الغطاء النباتي المحيط بالنيل على طول امتداده إذ يعبر النيل الأبيض عبر مناطق الغابات المطيرة الاستوائية متنوعة بيولوجيًا تعج بالنباتات مثل أشجار الموز والخيزران وشجيرات القهوة وخشب الأبنوس، ثم يصل إلى الغابات المختلطة والسافانا في أقصى الشمال.ليتحول إلى مستنقع مترامي الأطراف في السهول السودانية خلال موسم الأمطار، ثم تستمر النباتات في التلاشي مع تحركها شمالًا، وفي النهاية تكاد تختفي مع وصول النهر إلى الصحراء. ومن أبرز نباتات النيل نبات البردي، الذي اشتهر قدماء المصريين باستخدامها لصنع الورق.
  • تتنوع الحيوانات المعتاشة على نهر النيل كالأسماك، والأعداد الكبيرة من الطيور على طول النهر لأن مياهه تعدّ موردًا حيويًا للعديد من الأسراب المهاجرة والقطعان. كما يبرز من بين الحيوانات الأكثر أهمية فرس النهر، والسلاحف ذات القشرة الناعمة وأفاعي الكوبرا والمامبا السوداء والثعابين المائية والسحالي  الضخمة التي يبلغ متوسط ​​طولها 1.8 متر. ولعل أشهر حيوانات النهر هو تمساح النيل. تعيش هذه التمساحيات في معظم أجزاء النهر، وهي واحدة من أكبر أنواع التمساحيات على وجه الأرض، إذ يصل طولها إلى 6 أمتار.

هذا النهر العظيم المعطاء، الذي يوزع الخصوبة والطمي الأسود حيثما مرّ، سامحًا للحضارات على مر التاريخ بالتمتع بهباته وخيراته، سواء في تربة الدلتا أو على طول المجرى المائي الغني بالتربة الطينية الخصبة، لن يعود قادرًا على منح عطاياه كالسابق، وذلك بفعل السدود التي بنيت لتحجز مجراه. ورغم أهميتها في منع الفيضانات والتحكم في تدفق المياه على سجيتها، إلا أن ذلك انعكس بطبيعة الحال على توزيع الطمي والطين بطبيعية على طول المجرى، وسبب تكدسها في مناطق السدود، مما يقلل من خصوبة الأراضي التي كان يغذيها. تشكل نهر عظيم قبل 30 مليون عام في معجزة تشكل الأرض، وأخذ وقته في التشكل والتدفق على هواه، حتى جاء البشر.. مخلوقات طارئة على تاريخ هذا الكوكب، ولكنهم امتلكوا الحيلة لتطويع الطبيعة بطريقة أو بأخرى، ولا يمكن بأي حال أن يعدّ هذا التدخل دومًا لمصلحة الكوكب.