25-أبريل-2023
Getty

الوثائق تكشف عن طموح أوكرانيا لتوسيع المعركة (Getty)

كشفت إحدى وثائق البنتاغون المسربة أنّ كييف كانت تخطط لضرب أهداف متعددة في الداخل الروسي بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الحرب، لكنها تراجعت عن ذلك بناءً على طلب من الولايات المتحدة تفاديا لرد عدواني من طرف موسكو قد يشمل استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.

الولايات المتحدة قامت بإيقاف المخططات الأوكرانية لضرب العمق الروسي

وتشير الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست أن رئيس مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكراني كيريلو بودانوف كان وراء التخطيط للهجمات المذكورة التي حددت أهدافا متنوعة داخل عدة ولايات روسية على رأسها موسكو ومدينة نوفوروسيسك التي تمثل أضخم ميناء تجاري روسي على البحر الأسود فضلًا عن كونها مركزًا صناعيًا ومحور نقليات مهم، إلا أن ضغوط واشنطن الكبيرة حالت دون تنفيذ تلك الهجمات الخطيرة التي كان من شأنها تصعيد الصراع إلى مستويات أكبر.

أصوات من تحت الركام

كما لفتت الوثائق إلى تخطيط كييف لشن هجمات تستهدف القوات الروسية ومجموعة فاغنر الروسية في مواقع خارجية بينها سوريا ومالي.

وقد أثارت هذه المخططات قلق واشنطن والعواصم الغربية لما قد تقود إليه من تداعيات تشمل حتى الموقف الصيني من الحرب ومن دعم روسيا عسكريًا في حال استهدفت مصالحها الخارجية.

وتشير التفاصيل الواردة في تقرير واشنطن بوست المطوّل إلى أن الجنرال كيريلو بودانوف رئيس مديرية المخابرات العسكرية في وزارة الدفاع الأوكرانية وجّه تعليمات إلى أحد ضباطه "بالاستعداد لشن ضربات في 24 شباط/فبراير على أكثر من موقع داخل الأراضي الروسية"، بما فيها التفكير بهجوم بحري باستخدام مادة تي إن تي في مدينة نوفوروسيسك المطلة على البحر الأسود، في  عملية رمزية إلى حدِّ كبير من شأنها مع ذلك أن تثبت قدرة أوكرانيا على ضرب أعماق أراضي العدو.

ودفع ذلك واشنطن حينها إلى أن تطلب من الأمريكيين في روسيا مغادرة البلاد على الفور في 13 من شباط/فبراير الماضي، وهو ذات التاريخ الذي تشير وثيقة البنتاغون المسربة أنّ بودانوف وجّه فيه تعليماته بضرب العمق الروسي.

كان المسؤولون، في واشنطن، يراقبون سرًا خطط الأوكرانيين، وكان البيت الأبيض بالذات "قلقًا منذ فترة طويلة من أن تؤدي الهجمات داخل روسيا إلى رد فعل عدواني من الكرملين"، حسب الوثائق المسربة، ولذلك جاء القرار الأمريكي حاسما بضرورة إلغاء الهجوم.

Getty

ويُلقي هذا الأمر بالضوء على حالة التوتر التي تميز الصراع الدائر في أوكرانيا، فكييف الحريصة على نقل القتال إلى الأراضي الروسية مقيدة أحيانًا من قبل الولايات المتحدة  التي حاولت تجنب تصعيد الصراع إلى قتال مباشر بين القوات الأمريكية والروسية. حيث يرى بعض المسؤولين الأمريكيين أن الهجمات على روسيا ، لا سيما إذا كانت تنطوي على أسلحة وفرتها الولايات المتحدة، هي عمليات محفوفة بالمخاطر للغاية قد يجدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهددة للغاية لدرجة اتخاذه قرارا باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية.

ومع ذلك، تنفذ كييف بين الفينة والأخرى ضربات خلف خطوط العدو الروسي بواسطة التفجيرات وهجمات الطائرات بدون طيار التي تستهدف البنية التحتية الروسية.

وتقع العمليات التي تستهدف العمق الروسي ضمن اختصاص مديرية المخابرات العسكرية في وزارة الدفاع التي يرأسها الجنرال بودانوف، وهو جنرال طموح يبلغ من العمر 37 عامًا ويمثل نجمًا صاعدًا في الجيش الأوكراني، كما عرف بتصريحاته القوية خلال الحرب، فسبق أن صرح لصحيفة واشنطن بوست في كانون الثاني/يناير الماضي حول الضربات التي تستهدف العمق الروسي قائلًا: "لقد حطم هذا أوهامهم بالأمان"، مضيفًا القول "هناك أناس يزرعون المتفجرات، هناك طائرات مُسيّرة، ستكون هناك مشاكل داخل روسيا بشكل دائم إلى أن تتم استعادة وحدة أراضي أوكرانيا" حسب تعبيره، فضلًا عن تصريحاته بضرورة إعادة القرم إلى السيادة الأوكرانية الصيف المقبل.

وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن هذه المواصفات التي يتحلى بها بودانوف كانت دافعًا لتعبير الأمريكيين والأوروبيين عن إعجابهم ببودانوف، لكنهم يعتبرون في ذات الوقت أن "جرأته" مصدر توتر.

توضح الوثائق المسربة أيضًا أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تراقب اتصالات بودانوف. كما تلمح الوثائق إلى أن الضغط الأمريكي ربما يكون قد نجح بشكل جزئي فقط، فليس مؤكدًا أن جهاز المخابرات الأوكراني ألغى جميع خططه ضدّ روسيا.

توضح الوثائق المسربة أيضًا أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تراقب اتصالات بودانوف

حيث تظهر الوثائق السرية أن أوكرانيا ما زالت لديها طموحات لتوسيع ساحة المعركة إلى ما وراء أراضيها. ووضعت وكالة بودانوف خططًا لمهاجمة أعضاء مجموعة فاغنر العسكرية الروسية في مالي، حيث يقدم أفراد المجموعة المساعدة الأمنية للحكومة المالية بالإضافة إلى خطط لاستهداف القوات الروسية في سوريا.