16-مايو-2024
قمة عربية جديدة تناقش حرب غزة وقضايا العرب

(Getty) الاجتماعات التحضيرية التي عُقدت في المنامة، شهدت تحفظًا "شديد اللهجة" من الإمارات على دعم السلطة الفلسطينية

يجتمع الرؤساء العرب، اليوم الخميس، في القمة العربية الـ33، التي تعقد في العاصمة البحرينية المنامة، بهدف نقاش قضايا عربية عدة، من بينها القضية الفلسطينية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وسط حديث مصادر إعلامية عن خلافات على بند الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، والتوجه إلى حذفه من البيان الختامي والتوصل إلى صيغة أقل "إلزامية".

وعلى أجندة القمة العربية وضع 23 بندًا من أجل النقاش، ستكون من بينها ملفات سوريا، ولبنان، واليمن والسودان، وغيرها من القضايا العربية الملحة. مع تقديرات بوجود حضور رفيع المستوى، بحسب تصريح صحفي للأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي، يوم الأربعاء.

القمة العربية الـ33 ستبحث العدوان على قطاع غزة، والوضع في سوريا والسودان وليبيا ولبنان

وأوضح زكي أن "أكثر من ثلثي القادة العرب سيتواجدون خلال القمة، وحتى الدول التي لن يتواجد قادتها سيكون التمثيل رفيع المستوى بالنسبة لها". مضيفًا: "بشكل عام دائمًا هناك حضور متوقع يتراوح ما بين ألف وألفي شخص سيكونوا حاضرين بالقمة بمن في ذلك الوفود الإعلامية"، وفق زكي.

وقالت مصادر لصحيفة وموقع "العربي الجديد"، إن اجتماعات وزراء الخارجية العرب، والتي سبقت انعقاد القمة العربية في البحرين، شهدت "خلافات حول بعض الملفات، لا سيما السودان وليبيا ولبنان".  ولفتت إلى أن الخلافات شملت حتى "بعض تفاصيل جدول الأعمال الأخرى، ومنها الأوضاع في غزة، والمرتبطة بالصياغة النهائية للبيان الختامي للقمة، والذي سيصدر تحت مسمى إعلان البحرين، إذ ستدرج فيه كل البنود التي تم التوافق عليها". 

وأوضحت المصادر أن "التوافقات حول القضية الفلسطينية أكبر بكثير من الخلافات حول بعض الأمور السياسية المرتبطة برؤية كل دولة لأسلوب وطريقة الحل". وكشفت المصادر عن ملامح مشروع القرارات التي من المنتظر أن تصدر عن القمة العربية في البحرين اليوم، وعلى رأسها "التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة باعتباره أولوية قصوى، بالإضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين خارج أراضيهم".

وتتضمّن القرارات "العمل على إغاثة سكان القطاع، ورفض العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، والسعي لحشد التأييد الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعزيز حل الدولتين، وتبنّي مصطلح الإبادة الجماعية عند وصف ما ترتكبه إسرائيل من جرائم في القطاع".

ويشمل مشروع القرارات "دعوة مجلس الأمن الدولي إلى التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، خصوصًا مع عدم استجابة إسرائيل لقرارات محكمة العدل الدولية بشأن وقف إطلاق النار، ورفض وضع غزة تحت أي إدارة غير فلسطينية". من جهة أخرى قالت المصادر إنه من المتوقع أن تتقدّم مملكة البحرين بمبادرة لعقد قمة دولية للسلام في المنامة.

والقضية الأبرز بين ملفات القمة، وفق زكي، هي القضية الفلسطينية وتصاعد الحرب على غزة، بجانب "استقرار الأمن الملاحي" في البحر الأحمر.

وأضاف زكي أنه سيصدر عن القمة "إعلان البحرين"، ويتناول الموضوعات التي ستطرح، ونتطلع إلى اعتمادها، حيث يوجد توافق بين وزراء الخارجية حيالها.

ورجح زكي أن تخرج قمة البحرين بـ"قرارات إيجابية، ومواقف موحدة تجاه القضايا والتحديات العربية المثارة"، وفق وكالة الأنباء البحرينية الرسمية.

وكشف مندوب فلسطين لدى الجامعة مهند العكلوك، أن الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة ناقش الثلاثاء إجراءات منها دعوة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار تحت الفصل السابع (يجيز استخدام القوة) من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار بغزة، بحسب ما ورد في وكالة "الأناضول".

وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، يوم الثلاثاء، في كلمة بالاجتماع الوزاري، إن الموقف العربي "يسعى لحشد التأييد للاعتراف بفلسطين كجزء من مسار يفضي إلى مؤتمر دولي ُتشارك فيه كافة الأطراف المقتنعة بحل الدولتين".

خلافات كبيرة

وعن الخلافات المبكرة في القمة العربية، قالت مصادر لصحيفة موقع "العربي الجديد"، إن الاجتماعات التحضيرية التي عُقدت في المنامة في اليومين السابقين، للتحضير للقمة العربية التي تُعقد اليوم، تم تعديل قراراتها المتعلقة بالدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية، بناءً على تحفظ "شديد اللهجة" الإمارات، ما يعني أن البنود التي تحفظت عليها الإمارات تم شطبها من قرار اللجنة التحضيرية للاجتماع؛ وبالتالي لن تكون هذه البنود موجودة في القرارات النهائية التي ستصدر عن قمة البحرين اليوم.

ودار الخلاف على البندين الأول والخامس من قرارات اللجنة التحضيرية، وتحظفت عليها الإمارات بـ"لهجة شديدة". ووفق المصادر فإن تحفظ الإمارات جاء "على الفقرة العاملة رقم (1)، والفقرة العاملة رقم (5) انطلاقًا من إيمانها بأن دعم موازنة فلسطين مشروط بقيام حكومة فلسطينية من الخبراء المستقلين الأكفاء تتمتع بالنزاهة والثقة وتعمل بشفافية واستقلالية عن سلطة لم نر منها أي إنجازات ذات مغزى طوال السنوات المنصرمة".

ودفع التحفظ الإمارات، السلطة الفلسطينية إلى تقديم مذكرة اعتراض جاء فيها: "إن دولة فلسطين، وإذا تعتقد بالحق السيادي لأي دولة عضو في إبداء تحفظاتها أو ملاحظاتها على القرارات، لكن ذلك يجب أن يستند إلى قواعد وأصول تنسجم مع ميثاق جامعة الدول العربية التي يوجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، كما أن التحفظ يجب أن يراعي مبدأ الاحترام بين الدول الأعضاء".

وتابعت المذكرة: "تتحفظ دولة فلسطين على العبارات المتجنية وغير الصحيحة التي وردت في تحفظ الإمارات العربية المتحدة بخصوص النزاهة والثقة والشفافية والاستقلال، كما أن دولة فلسطين وإذا تتطلع لدعم ومساندة الدول الأعضاء الشقيقة، لكنها لا تحتاج دروسًا في النزاهة والشفافية والثقة والاستقلال من أحد". 

وأضاف الجانب الفلسطيني في مذكرته: "كما أن دولة فلسطين تعتقد بأن مثل هذه القيم التي حافظت عليها على مدار عقود طويلة من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لا تتطلب منها إثبات براءتها والانصياع لأوامر وإملاءات خارجية تستهدف الثوابت الوطنية للقضية الفلسطينية. دولة فلسطين تتفهم أن الدول التي تتحفظ على دعم موازنة دولة فلسطين وشبكة الأمان المالية هي التي تساهم فيها، وليس الدول التي لا تساهم فيها على مدار سنوات طويلة".

وتابعت المصادر: "تمت صياغة التعديلات على القرار الأصلي بناء على رغبة الإمارات، ما أشعل جلسة الاجتماعات يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين". وأصر الجانب الفلسطيني على أن تقوم جامعة الدول العربية بإدراج المذكرة الفلسطينية في القرار النهائي كملاحظة، لـ"يبدأ التراشق" بين المسؤولين من فلسطين والإمارات، ما استدعى تدخل وزراء خارجية الأردن ومصر والمغرب والسعودية للوساطة.

وتركزت الوساطة على سحب التحفظ الإماراتي ومقابله سحب المذكرة الفلسطينية من محضر الاجتماع والقرار النهائي للقمة العربية، بسبب احتوائهما على "اتهامات متبادلة غير لائقة"، حسب المصادر، وليس على إرجاع البنود المتعلقة بالدعم المالي للسلطة وعدم شطبهما واستبدالهما بصياغة رخوة غير ملزمة للدعم المالي.

وبعد جدل تم التوافق بين الوفود العربية على تعديل بند شبكة الأمان التي كانت بمائة مليون دولار، ليصبح النص الجديد يتضمن الاتفاق على عمل شبكة أمان جديدة بعد إجراء المفاوضات اللازمة عليها، وهو ما يعني أن شطب البندين الأول والخامس يقود إلى أن النص الصريح بدعم موازنة السلطة الفلسطينية لم يعد ملزمًا لأي دولة عربية وأصبح دفع المساهمات المالية للسلطة الفلسطينية اختياريًا للدول الراغبة وليس إلزاميًا. وتوضح مصادر "العربي الجديد": "أي أن هذا انقلاب كامل على قرارات قمة بيروت 2002 التي تضمنت بندًا واضحًا حول دعم الدول العربية للسلطة الفلسطينية عبر شبكة أمان مالية".

وحصل "العربي الجديد" على نص البندين الأول والخامس اللذين جرى شطبهما بناء على رغبة الإمارات، وجاء في البند الأول: "التأكيد على دعوة الدول العربية للالتزام بقرارات جامعة الدول العربية وبتفعيل شبكة أمان مالية بأسرع وقت ممكن بمبلغ مائة مليون دولار أميركي شهريًا دعمًا لدولة فلسطين لمواجهة الضغوطات والأزمات المالية التي تتعرض لها، بما فيها استمرار إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) باتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عقابية، بينها احتجاز أموال الضرائب وسرقة جزء كبير منها، بما فيها السرقات الأخيرة التي أعلن عنها وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية والاتفاقيات بين الجانبين".

وجاء نص البند الخامس كالتالي: "الطلب من الدول الأعضاء دعم موازنة دولة فلسطين وفقًا للآليات التي أقرتها قمة بيروت 2002 ولمدة تبدأ من الأول من أيار/مايو الجاري 2024 حتى انعقاد الدورة المقبلة للقمة العربية". 

وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، إفراغ القرار المالي من مضمونه بشكل كامل، ما أدى لامتعاض دول مثل: الجزائر وقطر والنظام السوري وعُمان ولبنان، حيث لم يجر التشاور مع هذه الدول قبل شطب البندين الأول والخامس. يُذكر أن الجزائر قامت قبل أيام بدعم السلطة الفلسطينية بمبلغ 53 مليون دولار.

وتشير مصادر "العربي الجديد" إلى أن ما جرى في الاجتماعات التحضيرية في المنامة بين الإمارات وفلسطين، هو استمرار لتراشق كلامي ساخن بدأ في اجتماع السداسية في السابع والعشرين من الشهر الماضي في الرياض، حين شن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد هجومًا غير مسبوق على السلطة الفلسطينية متهمًا إياها بالفساد وأن الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ليست أكثر من تبديل وجوه، وأن السلطة عبارة "عن علي بابا والأربعين حرامي".

واشتبك الوزير حينها مع أمين سر اللجنة التنفيذية حسين الشيخ كلاميًا في اجتماع السداسية الذي كان يحضره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ما استدعى رفض الشيخ ولاحقًا الرئيس أبو مازن أي اجتماعات مع بلينكن.

وواصل وزير الخارجية الإماراتي هجومه يوم السبت الماضي حين نشر على منصة إكس، مشككًا في نزاهة واستقلالية الحكومة الفلسطينية، وذلك في سياق رده على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول دعوة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة، إذ قال إن بلاده لن توفر الغطاء للوجود الإسرائيلي في القطاع، وإنها ستكون مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم عند تشكيل حكومة فلسطينية تلبي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني وتتمتع بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية.

قضايا عربية

وستبحث القمة العربية، الوضع مع لبنان ودعمه، بالإضافة إلى الحالة في سوريا، ودعم جهود التهدئة في السودان، مع تطورات الوضع في ليبيا واليمن، ودعم الصومال ودعم جمهورية جزر القمر المتحدة.

كما يناقش الاجتماع العربي الحل السلمي للنزاع الحدودي الجيبوتي- الإريتري، وقضية الجزر طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى في الخليج العربي، وأزمة سد النهضة الإثيوبي.

وسيبحث اجتماع القمة، في نتائج القمة العربية الصينية الثانية، وإنشاء منتدى للشراكة بين جامعة الدول العربية ورابطة دول جنوب شرق آسیا (آسیان).

قالت مصادر لصحيفة وموقع "العربي الجديد"، إن اجتماعات وزراء الخارجية العرب، والتي سبقت انعقاد القمة العربية في البحرين، شهدت "خلافات حول بعض الملفات، لا سيما السودان وليبيا ولبنان"

ومن المقرر متابعة التفاعلات العربية مع قضايا تغير المناخ العالمية، والاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان المعدلة، والاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب، وصيانة الأمن القومي العربي، ومكافحة الإرهاب، وتطوير المنظومة العربية.

ومناقشة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على فلسطين، والتقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإقامة الاتحاد الجمركي العربي، والتعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي.