04-مارس-2018

أتمّ الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة عامه الـ81 (أسوشيتد برس)

عرفت الجزائر بعد استقلالها عام 1962 ثمانية رؤساء، هم: أحمد بن بلّة وهوّاري بومدين ورابح بيطاط والشّاذلي بن جديد ومحمّد بوضياف وعلي كافي واليمين زروال وعبد العزيز بوتفليقة.

من المثير للاهتمام أن يتحول عيد ميلاد بوتفليقة لحدث بارز على فيسبوك، إذ تعد هذه المرة الأولى لتفاعل بهذا الشكل

ولئن اختفلت فترات حكمهم طولًا وقصرًا، فقد اشتركوا في أنهم لم يحوّلوا ما يتعلّق بحياتهم الشّخصية، من قبيل أعياد الميلاد وذكرى تولّي الحكم، إلى أحداث وطنية، ولم يلزموا الشّعب بالاحتفال بها، مثلما هو معمول به في الجارة المغرب، حيث يعدّ عيد العرش من أبرز الأعياد الوطنية، أو ما كان معمولًا به في الجارة تونس، حيث كان يوما ميلاد زين العابدين بن علي وانقلابه على الرئيس بورقيبة، لافتين للانتباه شعبيًا وإعلاميًا.

اقرأ/ي أيضًا: جدل حول مصير بوتفليقة.. هل يترشح الشيخ العاجز للرئاسة مجددًا؟

انساق الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة المولود يوم الثاني من آذار/مارس 1937 وراء تقليد إهمال عيد ميلاده، منذ تولّى الرّئاسة في نيسان/أبريل عام 1999. لذلك كان مثيرًا للانتباه، أن يتحوّل عيد ميلاده إلى حدث على موقع التّواصل الاجتماعي فيسبوك، الذي بات يستقطب ربع عدد السكّان البالغ 40 مليونًا، حيث كان الحدث الأبرز، من خلال منشورات تبادلها الشّباب الجزائريون، وتبادلوا التعليق عليها.

شباب عاديون وفنانون وإعلاميون وكتّاب وجامعيون ونقابيون وسياسيون وجمعويون وطلبة، في سابقة هي الأولى من نوعها في المشهد الفيسبوكي الجزائري. بما يطرح أكثر من سؤال، من قبيل: لماذا لم يحدث هذا التفاعل من قبل؟ هل هناك طرف سياسي موالٍ للرئيس أو معارض له خطّط للأمر؟ هل للظاهرة علاقة بانتخابات الرئاسة في نسيان/أبريل من عام 2019، حيث بدأت دوائر داخل وخارج الحكومة تتحدّث عن عهدة خامسة لأطول رؤساء الجزائر حكمًا؟ أم أنّ الأمر عفويّ أراد الجزائريون التّعبير من خلاله عن صورة الرّئيس لديهم؟

بين من هنّأ الرّئيس وتمنّى له الشفاء العاجل والعمر الطويل، بما يوحي أنه من الرّاضين عنه وعن سياساته، ومن هنّأه تهنئة مفخّخة بالسّخرية وروح النكتة والفكاهة، ومن طالبه صراحة بترك الرّئاسة في ظلّ مرضه وعجزه عن مخاطبة الشّعب؛ كان يوم الثّاني من آذار/مارس هذا العام رئاسيًا بامتياز في معظم الحسابات الفيسبوكية للجزائريين.

وكتبت الإعلامية مريم براهيمي: "عيد ميلاد سعيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كل عام وأنت بخير"، فيما كتب الناشط لخضر أوهيب: "لست نكّارًا للخير، عيد سعيد سيدي الرّئيس"، فيما تمنى المغنّى يحي النايلي، للرئيس أن يعيش 100 عام. هنا تجدر الإشارة إلى أن معظم المنشورات المتضمّنة  للتّهاني "البريئة" كانت قصيرة ومقتضبة جدًّا، وكأن أصحابها أرادوا القيام بواجب ميكانيكي.

في المقابل، كانت المنشورات التي تضمّنت تهاني ساخرة طويلة ومتوسّعة في انتقاد سياسات الرئيس. من ذلك رسالة الإعلامي عبد اللطيف بلقايم، التي عدّد فيها مناصب الرئيس وألقابه، منها "فخامة السيد رئيس الجمهورية، عالي المقام، المجاهد المغوار، وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، حامي الحمى، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، القاضي الأول في البلاد، المنسق الإفريقي العام لمكافحة الإرهاب منذ 2017"، وصولًا إلى التّهنئة: "عيد ميلاد سعيد ومبارك وعمر مديد. عيد ميلاد سعيد.. سعيد.. سعيد سعادة لن تنضب ولن تزول".

في السّياق السّاخر نفسه، عدّد الناشط بلال بن سكايم، الأحداث التاريخية التي شهدها الرئيس بوتفليقة منذ الحرب العالمية الأولى، مرورًا بربيع براغ ونهاية الاتحاد السوفييتي ووفاة حافظ الأسد، ووصولًا إلى غناء الشاب خالد في السعودية "وفق الضوابط الشرعية"، وسقوط الثور المجنح في بابل، خاتمًا منشوره، الذي استلهمه من منشور للناشط  أحمد محمد حمّاني بقوله: "عيد ميلاد سعيد سيّدي الرئيس".

ولئن نظر الكاتب عبد العالي مزغيش إلى الأمر من زاوية كونه حملة انتخابية مسبقة، فقد قال الباحث في علم الاجتماع محمد بن زيان لـ"ألترا صوت"، إن "فيسبوك لم يعد مجرّد نافذة للتعارف في المشهد الجزائري كما كان في بداياته الأولى"، موضحًا: "بل تحوّل إلى فضاء لصناعة الوعي بالتغيير، إذ يكفي منشور واحد تطلقه شخصية مؤثرة حتى يصبح قضية رأي عام، ولعل هذا ما يفسّر تقاعس الحكومة في تطوير إمكانيات الانترنت في الجزائر".

 

 

ويضيف محدّث "ألترا صوت" قائلًا: "أن يتحوّل عيد ميلاد رئيس لم يخاطب شعبه منذ عام 2012، وبات ظهوره في التلفزيون الرسمي حاملًا فنجان قهوة حدثًا وطنيًا، ويطمع محيطه الرئاسي في ترشيحه لعهدة خامسة.. أن يتحول هذا إلى مادة ساخرة لشابّ لم يعرف رئيسًا سواه، لهو أمر طبيعية".

لم يعد فيسبوك مجرد نافذة تعارف في الجزائر، وإنما تحوّل إلى فضاء لصناعة الوعي بالتغيير

ويختم: "لا ننسى أن وصول رئيس شاب إلى الحكم في فرنسا، حفر عميقًا في وعي الشّباب الجزائريين، فكان عيد ميلاد الرئيس المسنّ والمريض فرصة لتفجير الصّدمة".

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر..الانتخابات البرلمانية تبدأ من الفيسبوك

انتصارات "حزب الهواتف الذكية" في الجزائر