25-فبراير-2024
حكيم زياش

حكيم زياش نجم المنتخب المغربي

"هذه أمي، هي البطل الحقيقي، ولست أنا، هي كل شيء بالنسبة لي، ولولاها لما وقفت اليوم أمامكم، إذن حيوها أرجوكم لأنها من قادتني إلى هنا لأقف أمامكم".

كانت هذه عبارات قالها لاعب مغربي خلال تسليمه جائزة أفضل لاعب بالدوري الهولندي، لاعبٌ عانى في طفولته كثيرًا، وامتاز في مراهقته وشبابه بالسلوكيات السلبية، كإدمان المخدرات والكحوليات، إلى أن تخلّص من تلك الآفات، وأصبح أحد أفضل وأشهر نجوم منتخب المغرب، ونحكي عن حكيم زياش لاعب غلطة سراي التركي الحالي، والنجم السابق في أياكس أمستردام وتشيلسي، وأحد أهم عناصر المنتخب المغربي بقيادة المدرب وليد الركراكي.

 

حكيم زياش وحياته الشخصية

في عام 1967، غادر محمد زياش مع ولديه فوزي وهشام إلى هولندا، حيث ترك بلدته "تافوغالت" في إقليم "بركان" بالمغرب من أجل العمل في مصنع للمعادن بهولندا، علّ هذه البلاد تأتي بحياة أفضل له ولأسرته، قبل أن تنضم زوجته إليه للاعتناء بالطفلين فوزي وهشام.

مرّت السنون، وزاد عدد أفراد العائلة المقيمة في "درونتن" الهولندية إلى 10 أفراد، زوجان وأربعة صبيان ومثلهم بنات، حتى أتى يوم 19 آذار/مارس 1993، حينما رُزق محمد زياش بآخر أطفاله حكيم زياش.

حكيم زياش أظهر موهبته الرائعة في كرة القدم بشوارع وأزقّة مدينته، فكان الوحيد في الحي الذي يلعب مع الأكبر منه، ويؤدي مهاراته ويستعرضها أمام الجميع، في فترة كان شقيقاه يلعبان كرة القدم بالتسعينيات في فرق محلية، بدأ أشقاءه باصطحابه للعب أمام الكبار، يقول حكيم زياش عن هذه الفترة: "كنت ألعب الكرة ضد من هم أكبر مني، وهؤلاء لا يقبلون الخسارة، بل يستمرون في ركلك، تلك الأمور تجعلك أكثر صلابة وتمنحك عقلية تساعدك على مواجهة الصعاب في المستقبل".

لقد أصبح حكيم منذ طفولته شغوفًا بكرة القدم، فلم يفرّط بأي فرصة في ممارسته لعبته المفضلة، في فترة الاستراحة بالمدرسة كان يلعب كرة القدم، ولم يحضر للمنزل سوى كي يتناول طعامه، ثمّ يكمل لعبه الكرة في ساحات الحي، وقبل نومه يشاهد على موقع يوتيوب مهارات اللاعبين الكبار، مثل زين الدين زيدان وويسلي شنايدر وفان دير فارت ورونالدينيو وزلاتان إبراهيموفيتش، من أجل أن يطبّق مهاراتهم عمليًا على الملعب باليوم التالي.

حكيم زياش
حكيم زياش مع هيرينفين

كان حكيم أصغر أفراد العائلة، وكان محبوبًا جدًا ومقرّبًا من والده، وتعلّق بوالده بشكل كبير، لكنّ حياته تغيّرت كليًا في الـ23 كانون الأول/ديسمبر 2023، وتحوّلت إلى جحيم مطبق، بسبب وفاة والده الذي يعاني من التصلب اللويحي، حيث كان عمر حكيم وقتها 10 سنوات، يقول حكيم عن تلك الليلة: "كنت أرغب في البقاء معه ولم أذهب للفراش حتى منتصف الليل"، و"بعد ساعات قليلة استيقظت وسمعت عائلتي تبكي، وذهبت إلى الطابق السفلي، حيث كان أبي ميتا".

انقلبت الأمور رأسًا على عقب في حياة أسرة حكيم زياش، وصارت الوالدة تكابد من أجل تأمين القوت اليومي لأولادها التسعة، من خلال المعونات الاجتماعية وغيرها، وزاد الأمور سوءًا تورّط شقيقي حكيم زياش بالعصابات وعمليات السطو، فزجّ بهما بالسجن وتم طردهما من أنديتهما.

في هذه المرحلة، قرر حكيم زياش ترك كرة القدم، وكما تكلمنا انغمس شقيقيه في عالم الجريمة والمخدرات، فالظروف المعيشية الصعبة، لم تساهم برغبتهم من النهوض من الواقع المتردي عن طريق كرة القدم، بل وجد أن عمليات السطو والسرقة طريق أقصر من غيره، عن هذه المرحلة قال هشام زياش الشقيق الأكبر لحكيم: "لم يكن لدينا الكثير، ولم يكن لدينا رفاهية، ولم يكن هناك مال، وعندما تكون شابًا، فأنت تريد دائمًا أن تحصل على نفس الشيء مثل أي شخص آخر. لقد فعلنا الكثير من الأشياء السيئة ودفعنا ثمن كل ما فعلناه. لقد تم سجني بسبب العديد من عمليات السطو. سيطرت كرة القدم والجريمة علينا باستمرار".

مع قرار حكيم زياش ترك كرة القدم في سن الـ12، تراجع بشكل رهيب في دراسته، وأصبح عدوانيًا في سلوكه، كما أدمن شرب الخمر وتعاطي المخدرات، ما أثّر عليه بشكل كبير وكاد يدمّر حياته، لكنّ شخصًا آخر يعتبره حكيم زياش بمثابة الأب الروحي له، استطاع أن ينتشله من كل هذا، ولكن بمرات متكررة.

نحن نتكلّم عن عزيز ذو الفقار، هذا اللاعب المغربي السابق الذي كان أول مغربي يحترف في الدوري الهولندي، حيث لمح موهبته في شوارع هولندا، وقرر تبنّي حكيم زياش، وانتشاله من الحالة المتردّية التي يعيشها النجم المغربي.

نجح عزيز ذو الفقار في انتشال حكيم زياش من واقعه، وشجعه على لعب كرة القدم مجددًا، وكان ذلك بالتعاون مع أحد أشقاءه الذين خرجوا من السجن، فهم يرون فيه الأمل الأخير للعائلة، ونصحوه بأن يتجنّب مصيرًا مماثلًا لمصيرهم.

انضم حكيم زياش إلى أكاديمية نادي هيرينفين بمساعدة عزيز ذو الفقار، وابتعد عن عائلته للتركيز على كرة القدم، وسكن مع عائلة أرمينية، لكنه عاد لممارساته السيئة، فكان يعود للمنزل مخمورًا أو متعاطيًا للمخدرات، ويسهر حتى أوقات الفجر ولا ينتظم في تدريبات فريقه، كذلك لا يحترم زملاءه في الفريق ولا مدربيه، ما سبب له مشاكل كبرى مع ناديه.

زياش

سرعان ما تدخل عزيز ذو الفقار بنصحه وتوجيهه ووساطاته، ليعود حكيم زياش مجددًا إلى سلوكياته، ناهيك عن ممارساته بالضرب والتعدي على الآخرين خارج الملعب، ما جعل أمام هذا المراهق العديد من القضايا في المحاكم، وسجل ليس بالقليل يخص سوء السلوك وبعض الممارسات الأخرى، لكنّ عزيز ذو الفقار بقي يقوّمه ويرشده دون يأس، يقول عزيز ذو الفقار عن هذه المرحلة: "كان يشرب ويدخن ويتعاطى المخدرات كثيرًا، وكانت الفرصة الوحيدة التي أتيحت لي معه هي أن أجعله يلعب في قاعات كرة قدم صغيرة. ولحسن الحظ، أدرك بسرعة كبيرة أن مستقبله هو كرة القدم".

مع وصول حكيم زياش لسن السادسة عشر، التقى بوكيل أعماله مصطفى نخلي، والذي حاول مساعدته في التخلي عن المخدرات والتدخين وعالم الجريمة، حيث كانت سلوكه خارج أرضية الملعب ينفّر ناديه، وسيسبب عدم التعاقد معه وترقيته للفريق الأول، لأن سجل الجرائم الخاصة بحكيم زياش متراكم عند المحاكم، جرائم تتعلق بالحرق العمد، والعنف المتعمد، والتهديد بالسكين، وحيازة المخدرات بشكل غير قانوني وكذلك تكوين عصابة إجرامية. وهنا يقرر مصطفى نخلي الأخذ بيد حكيم زياش، ومغادرة العائلة الأرمينية، واستئجار شقة في أمستردام يعيش فيها هو وحكيم زياش، لمدة ثلاث سنوات، ليبدأ حكيم في التوهج بمسيرته الكروية.

 

حكيم زياش ومسيرته الكروية

تكلمنا عن موهبة حكيم زياش الفذّة منذ صغره، والتحاقه بأكاديميات محلية، وقراره بترك كرة القدم في تلك الفترة بعد وفاة والده، حيث انغمس بعد ذلك في عالم المخدرات والجريمة، حيث بدأ مسيرته الكروية في طفولته بأكاديمية درونتن، وانضم إلى أكاديمية هيرينفين بعد ذلك، وقتها انتقل إلى بلدة هيرينفين برعاية عائلة أرمينية.

رويدًا رويدًا بدأ حكيم زياش يتدرج في الفئات العمرية لنادي هيرينفين، إلى أن أتيحت له فرصة اللعب بالفريق الأول تحت قيادة أحد أساطير كرة القدم الهولندية ماركو فان باستن، وكانت المباراة الأولى له حينما شارك بديلًا في ميدان رابيد بوخارست الروماني ضمن مسابقة الدوري الأوروبي، وعن هذا الحضور الأول قال زياش: ""لقد كانت مباراة رائعة حقًا، حيث تمكنت من إظهار ما يمكنني فعله للجمهور، لم أكن عصبيًا على الإطلاق. لقد كان الأمر ممتعًا إلى حد ما، وأنا فخور جدًا".

ظهر حكيم زياش بعد ذلك في مباريات الدوري الهولندي، لكنّه فوجئ بعد ذلك بعدم إشراكه في المباريات، وتخفيضه إلى فريق الشباب، وعدم اللعب في الفريق الأول بأكثر مواجهات ناديه، حيث استمر ذلك لمدة ثلاث سنوات، إلى أن قرر القيام بتجربة كروية أخرى.

انتقل حكيم زياش إلى نادي تفنتي أنشخيده في عام 2014، بعقد مدته أربع سنوات، وفي موسمه الأول تألّق حكيم بشكل لافت، وأنهى الموسم كأفضل ممرر بالدوري الهولندي، وأفضل لاعب في ناديه.

في الموسم التالي 2015-2016، واصل حكيم زياش فرض نفسه بالدوري الهولندي، وأصبح قائدًا لناديه وصاحب الرقم 10، وكان بالطبع أفضل ممرر بالدوري الهولندي، وأكثر من قدم تمريرات حاسمة في الدوري الهولندي، وتوّج موسمه بالظفر بجائزة أفضل لاعب بالدوري الهولندي.

تغيّرت مسيرة النجم المغربي حكيم زياش بشكل كبير في بداية موسم 2016-2017، وهذه المرّة للأفضل، حيث استقدم أعظم ناد هولندي هذه الموهبة المغربية من تفينتي أنشخيده، ونحكي عن نادي أياكس أمستردام، حكيم زياش قال عقب انتقاله لأياكس: "انضممت إلى هذا النادي للفوز بالبطولات، وكذلك للعب في دوري أبطال أوروبا، هذان هما السببان الرئيسيان لمجيئي إلى هنا".

وبالفعل، نافس أياكس على بطولة الدوري الهولندي واحتل المركز الثاني في نهاية الموسم، وحافظ حكيم زياش على لقب أفضل ممرر بالدوري الهولندي للموسم الثالث تواليًا، وقاد فريقه للوصول إلى نهائي الدوري الأوروبي، والذي خسره الفريق الهولندي أمام مانشستر يونايتد.

حكيم زياش
حكيم زياش مع أياكس أمستردام

واصل حكيم زياش أداءه المذهل مع أياكس أمستردام بالموسم التالي، فسجل 14 هدفًا وقدّم 20 تمريرة حاسمة من 51 مباراة، وختم موسم 2017-2018 كأفضل لاعب بالدوري الهولندي، وأفضل ممرر للسنة الرابعة تواليًا، ولكن مع ذلك حل أياكس وصيفًا للقب الدوري الهولندي.

تعكّرت العلاقة بين مشجعي أياكس أمستردام وحكيم زياش، وصار يلعب أحيانًا وصافرات الاستهجان تملأ أرجاء الملعب صخبًا، وكان قريبًا من الرحيل إلى روما الإيطالي، لولا تعثر المفاوضات في اللحظات الأخيرة، ليقرر بعد ذلك البقاء في أياكس موسمًا آخر.

في هذا الموسم 2018-2019 كشف أياكس أمستردام عن أحد أفضل أجياله الناشئة، بقيادة لاعبين أمثال حكيم زياش وتاديتش الوافد الجديد وفان دي بيك وفرينكي دي يونغ وماتياس دي ليخت وآندريه أونانا، فقدموا مباريات مذهلة بدوري أبطال أوروبا، حيث أطاحوا بريال مدريد ويوفنتوس، وكانوا قريبين من بلوغ المباراة النهائية لولا الدقائق المجنونة التي وضعت توتنهام في المباراة النهائية، في معجزة كروية خالدة كان بطلها لوكاس مورا.

هذا الفريق المميز جذب أنظار العديد من الأندية الكبرى لخطف نجومه، ومن أبرزهم حكيم زياش، والذي حقق جائزة أفضل لاعب في الدوري الهولندي، ونال للموسم الخامس تواليًا جائزة أفضل ممر، ومع ذلك رفض حكيم زياش العديد من العروض المقدمة من الأندية الكبيرة، أبرزها عرض من بايرن ميونيخ، يقول حكيم زياش عن رفضه لعرض البايرن: "نعم، بايرن يريدني، لكنني لم أرغب في انتظارهم. المال لم يكن من أولوياتي أبدًا، أريد أن ألعب مباراة هجومية مع ضغط عالٍ للغاية ويمكنني القيام بذلك هنا في أمستردام مع أياكس".

واصل حكيم زياش اللعب في أياكس أمستردام موسم 2019-2020، لكن العديد من الأمور غير المتوقعة حصلت في هذا الموسم، مثل التوقف بسبب تبعات فيروس كورونا، وقتها كان أياكس أمستردام متصدرًا للمسابقة، وبعد ذلك أعلن ناديا أياكس أمستردام الهولندي وتشيلسي الإنجليزي، توصّلهما لاتفاق بشأن انتقال النجم المغربي حكيم زياش إلى البلوز عقب نهاية الموسم، في صفقة وصلت إلى 44 مليون يورو، لتبدأ رحلة جديدة للنجم المغربي في الملاعب الإنجليزية بداية من موسم 2020-2021.

حكيم زياش
حكيم زياش مع تشيلسي

حقق حكيم زياش مع تشيلسي في موسمه الأول أكثر ما يحلم به أي لاعب في مسيرته الكروية، وهو الظفر بمسابقة دوري أبطال أوروبا، على حساب مانشستر سيتي، ومن بعد ذلك لم يعد يلعب أساسيًا بشكل دائم مع البلوز، فقضى هناك ثلاث مواسم، قرر بعدها الانتقال إلى تجربة كروية جديدة في شرق القارة الأوروبية، خصوصًا مع فشل انتقاله إلى باريس سان جيرمان.

حكيم زياش تمت إعارته إلى غلطة سراي التركي في صيف عام 2023، حيث استقبلته الجماهير التركية بطريقة مبتكرة، النادي التركي قدّم حكيم زياش بطريقة حماسية ولافتة، حيث فاجأ الجماهير التركية ولاعبي الفريق أنفسهم بتواجده في المدرجات، حينما بادلهم التحية المعروفة لدى الفريق بعد نهاية المباراة أمام طرابزون سبور ضمن منافسات الدوري التركي، وما زال حكيم زياش يعتبر من الأوراق الرابحة للفريق التركي، حيث ساهم معه بتحقيق نتائج إيجابية في مرحلة المجموعات بدوري أبطال أوروبا.

 

ألقاب حكيم زياش

  • دوري أبطال أوروبا
  • كأس العالم للأندية
  • كأس السوبر الأوروبي
  •  الدوري الهولندي
  • كأس هولندا
  • كأس السوبر الهولندي

 

حكيم زياش مع منتخب المغرب

حكيم زياش لاعب ثنائي الجنسية، أصوله مغربية ويحمل الجنسية المغربية، وهو هولندي أيضًا ولد وترعرع في هولندا، حيث تدرّج في الفئات العمرية لمنتخب هولندا، ولعب في العديد من المسابقات لمنتخبات هولندا تحت 19 و20 عامًا.

لكن حكيم زياش اختار الاستجابة لنداء مدرب المغرب بادو الزاكي، وتمثيل المنتخب المغربي عوضًا عن المنتخب الهولندي، وهنا صار مدرب هولندا داني بليند يضغط على حكيم زياش من أجل تمثيل منتخب هولندا، ليخرج حكيم زياش بهذا التصريح: "يمكن لداني بليند أن يمارس عليّ قدر ما يريد من الضغط، لن أذهب وألعب مع هولندا، الاختيار لا يتم بالعقل بل بالقلب، ما هو الاختيار الذي تريد اللعب به والمكان الذي يميل إليه قلبك أكثر، وفي حالتي كان من دون تردد المغرب، لقد شعرت دائمًا أنني مغربي رغم أنني ولدت هنا (هولندا). كثير من الناس لن يفهموا هذا الشعور أبدًا".

حكيم زياش
حكيم زياش مع المنتخب المغربي

 بعد هذه التصريحات التي ظهرت على الصفحات الأولى من الصحف بعد بضعة أشهر، تعرض اللاعب لصيحات الاستهجان من قبل جماهير فريقه أياكس أمستردام، هذه الصيحات التي تحدثنا عنها أعلاه بهذا المقال، وتعرض زياش لحملة إعلامية كبيرة من نجوم هولندا، منهم مدربه السابق والنجم الكروي الهولندي ماركو فان باستن الذي تساءل: "كيف يمكنك أن تكون غبياً إلى هذا الحد لتختار المغرب، إذا كان الفريق الهولندي يُظهر بوضوح اهتمامه بك؟".

لكن لاحقًا وبعد سنوات قليلة، بلغت المغرب نهائيات كأس العالم 2018، ولم تنجح هولندا في الوصول إلى المونديال، كذلك وصلت المغرب إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، ولم تتخطى هولندا الدور ربع النهائي.

علاقة حكيم زياش مع المنتخب المغربي شابها بعض الإشكالات في العديد من المراحل، فتمّت قطيعة بين المدرب هيرفي رينارد وحكيم زياش، قبل أن يتدخل رئيس الاتحاد الكروي في المغرب فوزي لقجع، ويرحل إلى أمستردام من أجل المصالحة بين زياش ورينارد، ويتوج ذلك بعودة زياش للمنتخب.

حكيم زياش قاد منتخب المغرب للوصول إلى نهائيات كأس العالم 2018، لأول مرة بعد غياب دام 20 عامًا، وبعد ذلك تعرّض لنكسة كروية مع منتخب بلاده، حينما أهدر ركلة جزاء أمام بنين في ثمن نهائي كأس أمم أفريقيا 2019، ولاحقًا خاض الفريقان ركلات الترجيح التي سببت خروج المغرب، وكان حكيم زياش أحد الأسباب الرئيسية لوداع البطولة.

مجددًا ظهرت الخلافات مع مدرب المنتخب المغربي، وهذه المرة كان وحيد خليلوزيتش، والذي استبعد حكيم زياش من قائمة المنتخب بذريعة الانضباط داخل التشكيلة، ليعلن حكيم زياش لاحقًا وبعد الكثير من تبادل الاتهامات عن اعتزاله اللعب دوليًا، لأنه أصبح متأكدًا أنه لن يتم استدعاؤه طالما كان وحيد خليلوزيتش مدربًا للمنتخب المغربي.

حكيم زياش
حكيم زياش مع المغرب في كأس العالم 2022

إلا أن تولي وليد الركراكي مهمة تدريب المغرب قبل بداية كأس العالم 2022 بثلاثة أشهر، منح حكيم زياش أملًا جديدًا، لأن الركراكي فتح صفحة بيضاء مع حكيم زياش، والذي عاد فورًا عن قرار اعتزاله، وأبدى استعداده بفخر للّعب بقميص المنتخب المغربي.

بعد ذلك كان حكيم زياش من نجوم كأس العالم 2022، ومن الذين قادوا المغرب لتحقيق إنجاز تاريخي، تمثّل بكونهم الفريق العربي والأفريقي الوحيد الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم. فريق قاده وليد الركراكي، وحوى الكابتن رومان سايس، ومن وراءه الحارس ياسين بونو، وأمامهما ثلّة من النجوم كحكيم زياش وأشرف حكيمي وسفيان أمرابط وعز الدين أوناحي، والكثير من النجوم الذين سطروا أسمائهم بأحرف من ذهب في ذاكرة عشاق كرة القدم العربية والأفريقية.

 

مشاركات حكيم زياش مع منتخب المغرب

البطولة

عدد المباريات

عدد دقائق اللعب

كأس العالم

10

903

كأس أمم أفريقيا

7

573

تصفيات كأس العالم

7

520

تصفيات كأس أمم أفريقيا

12

880

مباريات ودية

23

1581

المجموع

59

4457 دقيقة

 

حكيم زياش لم ينجح في قيادة المغرب لإنجاز مميز في كأس أمم أفريقيا 2023، والتي أقيمت مطلع عام 2024، لأن منتخب بلاده ودّع المسابقة من الدور ثمن النهائي، رغم أنها كانت من أقوى المرشحين لنيل اللقب، إلا أن الخسارة أمام جنوب أفريقيا حالت دون ذلك، في لقاء ودّع به حكيم زياش المباراة بسبب الإصابة.

حكاية حكيم زياش تكشف بطريقة أو بأخرى عن المشاكل التي يعانيها الآلاف من الأطفال والمراهقين ذوي الأصول العربية أو الأفريقية في أوروبا، حيث تعرّض اللاعب في بداية مسيرته الكروية إلى نكسات، كان سببها الأول هو نفسه، لكنّ محبيه نجحوا في انتشاله من مستنقع مظلم، رغم عودته إليه في أكثر من مرة.

يدين حكيم زياش بهذا الفضل إلى والدته التي تعذّبت في تربيته وأشقاءه، كذلك إلى والده الروحي عزيز ذو الفقار، وبعد ذلك إليه نفسه، لأنه قاتل من أجل الهروب من شبح المخدرات والجريمة، وحوّل طاقاته إلى كرة القدم التي فيها موهبته، وأضحى من أكثر الرياضيين شهرة في المغرب، والأهم من كل ذلك، أنه أعطى أملًا لكلّ غريق في مستنقع الجريمة والمخدرات.