19-أبريل-2024
ما أقوى قنبلة نووية في العالم؟

(freepik) قنبلة إيفان أو قنبلة القيصر أقوى سلاح نووي تم تفجيره على الإطلاق

 تطورت الأسلحة التي استخدمها الإنسان منذ فجر التاريخ بشكل كبير، فبداية من القوس والنشاب والسيف والرمح، وصولًا إلى القنابل النووية في عصرنا الحالي، فكيف تُحضر القنابل النووية؟ وما هي أقوى قنبلة نووية في العالم؟، وما هي أبرز القنابل النووية التي شهدها العصر الحديث؟ تعرف على الإجابة في سطور هذا المقال. 

القنبلة النووية الحرارية أقوى من القنبلة الذرية وتتضمن حدوث تفاعلات الانشطار النووي والاندماج النووي

ما هي القنبلة النووية؟

القنبلة النووية والمعروفة أيضًا باسم القنبلة الذرية أو السلاح النووي، هي جهاز متفجر يستمد قوته التدميرية من التفاعلات النووية، إما الانشطار (في حالة القنابل الذرية) أو مزيج من تفاعلات الانشطار والاندماج (في حالة القنابل الذرية). وفيما يلي نلقي نظرة عامة على النوعين الرئيسيين للقنابل النووية من حيث القوة وآلية العمل والانفجار:

  1. القنبلة الذرية (القنبلة الانشطارية): يعتمد هذا النوع من القنابل على الانشطار النووي، حيث تنقسم نواة الذرة إلى نواتين أصغر أو أكثر، مما يؤدي إلى إطلاق كمية كبيرة من الطاقة. وتستخدم القنابل الذرية عادة اليورانيوم 235 أو البلوتونيوم 239 كمواد انشطارية، ويمكن أن يؤدي انفجار القنبلة الذرية إلى إطلاق حرارة هائلة وضغط انفجاري وإشعاع كبير، مما يتسبب في وقوع دمار وإصابات واسعة النطاق.
  2. القنبلة النووية الحرارية (القنبلة الاندماجية أو القنبلة الهيدروجينية): القنبلة النووية الحرارية أقوى من القنبلة الذرية وتتضمن حدوث تفاعلات الانشطار النووي والاندماج النووي، ففي المرحلة الأولية يتم استخدام قنبلة انشطارية لإثارة تفاعل اندماجي، وفي المرحلة الثانوية تحتوي يتم استخدام نظائر الهيدروجين مثل الديوتيريوم والتريتيوم، بحيث يطلق تفاعل الاندماج كميات أكبر من الطاقة من الانشطار وحده، مما يؤدي إلى انفجار المواد النووية بشكل أقوى بكثير.

لقد تم تطوير واختبار القنابل النووية من قبل العديد من الدول منذ منتصف القرن العشرين، وبسبب إمكاناتها المدمرة بُذلت العديد من الجهود الدولية لمنع انتشارها واستخدامها، إذ يمكن أن يتسبب تفجير قنبلة نووية في دمار واسع النطاق، وخسائر في الأرواح، وعواقب بيئية وصحية طويلة المدى بسبب التعرض للإشعاع. ولهذا تعد الأسلحة النووية من بين الأسلحة الأكثر تدميرًا ورعبًا على الإطلاق.

طُورت قنبلة القيصر بواسطة البرنامج النووي للاتحاد السوفييتي خلال ذروة سباق التسلح في الحرب الباردة

أقوى قنبلة نووية في العالم

تُعد قنبلة إيفان أو قنبلة القيصر الاسم المستعار للقنبلة الهيدروجينية RDS-220، التي فجّرها الاتحاد السوفييتي في 30 أكتوبر 1961، هي أقوى سلاح نووي تم تفجيره على الإطلاق، وما يزال أقوى انفجار من صنع الإنسان في التاريخ كله. وفيما يلي بعض الحقائق الأساسية عن أقوى قنبلة نووية في العالم:

  • قوة القنبلة: كان لقنبلة القيصر قوة تعادل حوالي 50 ميجا طن من مادة تي إن تي، مما يجعلها أقوى بثلاثة آلاف مرة من القنبلة التي ألقيت على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية.
  • حجم القنبلة: كانت القنبلة هائلة الحجم، حيث بلغ وزنها حوالي 27 طنًا متريًا وطولها حوالي 8 أمتار (26 قدمًا).
  • تطوير القنبلة: طُورت قنبلة القيصر بواسطة البرنامج النووي للاتحاد السوفييتي خلال ذروة سباق التسلح في الحرب الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بقصد إظهار القدرات النووية للاتحاد السوفيتي.
  • اختبار القنبلة: تم تفجير القنبلة في موقع اختبار في منطقة سوخوي نوس (وتعني الأنف الجاف) في نوفايا زيمليا، وهو أرخبيل في المحيط المتجمد الشمالي، حيث تم إسقاطها جواً بواسطة طائرة قاذفة معدلة خصيصًا من طراز Tu-95.
  • تأثيرات القنبلة: أدى الانفجار إلى خلق كرة نارية يبلغ قطرها حوالي 2.8 كيلومترًا (1.7 ميلًا)، وتكون سحابة دخانية وصل ارتفاعها إلى حوالي 64 كيلومترًا (40 ميلًا)، كما شعر السكان بموجة الانفجار على بعد مئات الكيلومترات، وتحطمت النوافذ على بعد 900 كيلومتر (560 ميلًا) من نقطة الصفر.
  • التعديل على القنبلة: كان التصميم الأصلي لقنبلة القيصر يبلغ إنتاجه 100 ميجا طن، ولكن تم تخفيضه إلى 50 ميجا طن لتقليل مخاطر التساقط الإشعاعي.
  • رد الفعل الدولي: أثار تفجير قنبلة القيصر قلقاً وإدانة دولية لحجمها غير المسبوق، وساهمت في تصعيد التوترات خلال الحرب الباردة مع الولايات المتحدة الأمريكية وأثارت دعوات للحد من الأسلحة النووية ونزع السلاح.

وعلى الرغم من قوتها الهائلة فإن قنبلة القيصر لم تُستخدم كسلاح أبدًا، وظل اختبارها بمثابة تذكير صارخ بالإمكانات التدميرية للأسلحة النووية ومخاطر الانتشار النووي.

قلعة برافو هو الاسم الرمزي لأول اختبار أمريكي لقنبلة نووية حرارية أو هيدروجينية في 1 مارس 1954

أمثلة على القنابل النووية في العالم

اكتسبت العديد من القنابل النووية أهمية بسبب أو قوتها التدميرية، أو آثارها الجيوسياسية أو أبعادها التاريخية وتأثيرها في الأحداث، وإلى جانب التجربة الروسية في إطلاق القنبلة النووية، فقد قامت بعض الدول بتجارب مماثلة، قد تختلف في قوتها وحجمها وتأثيرها عن قنبلة القيصر؛ ولكنها في النهاية أمثلة بارزة على القنابل النووية في العالم، وفيما يلي بعض من أبرزها:

  • الولد الصغير والرجل السمين: هذه هي الأسماء الرمزية للقنابل الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين على التوالي، وذلك خلال الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945. حيث أسقطت الولد الصغير على هيروشيما في 6 أغسطس، بينما أسقطت الرجل السمين على مدينة ناغازاكي في 9 أغسطس، مما أدى إلى نهاية الحرب، وتسببت القنبلتين في 220 ألف شخص إلى جانب الكثير من المشاكل الصحية التي نشأت لاحقًا لدى السكان الأحياء.
  • قلعة برافو: قلعة برافو هو الاسم الرمزي لأول اختبار أمريكي لقنبلة نووية حرارية أو هيدروجينية في 1 مارس 1954، في منطقة بيكيني أتول في المحيط الهادئ، وكان للانفجار قوة إنتاجية عالية بشكل غير متوقع بلغت 15 ميغا طن، مما يجعله أقوى اختبار نووي تجريه الولايات المتحدة الأمريكية.
  • RDS-1 (البرق الأول): كان هذا أول اختبار للأسلحة النووية للاتحاد السوفييتي، أجري في 29 أغسطس 1949 أي قبل إطلاق قنبلة القيصر باثني عشر عامًا، وأُجري الاختبار في موقع اختبار سيميبالاتينسك في كازاخستان، وكان ذلك بمثابة بداية سباق التسلح النووي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، التي تبارى كلٌ منهما في اثبات قدراته الاستخباراتية وأسلحته المتنوعة وبناء المنشآت النووية.
  • القيصر بومبا 2 (القيصر بومبا نيوترونوفا): ويعد هذا تصميمًا افتراضيًا لسلاح نووي اقترحه الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات، وقد ترددت شائعات بأن قوتها تصل إلى 100 ميجا طن وكان المقصود منها أن تكون بمثابة رادع استراتيجي ضد الخصوم المحتملين، وكعادتها فإن روسيا لم تفصح الكثير عن هذا الاختبار وأبقته طي الكتمان.
  • B-41- Mk-41: كانت B-41 أقوى قنبلة نووية أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق، إذ تمتعت بقوة كبيرة متغيرة عند الانفجار وصلت إلى 25 ميجا طن، وكان ذلك على مراحل متعددة من التصنيع والتطوير استمرت من عام 1960 إلى عام 1976.
  • B-83: وتُعتبر هذه هي أقوى قنبلة نووية حاليًا في ترسانة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية، حيث يبلغ إنتاجها الأقصى 1.2 ميغا طن، وهي سلاح نووي حراري مصمم لمهام القصف الاستراتيجي.

 

هذه مجرد أمثلة قليلة لقنابل نووية بارزة، ولكل منها أهميتها التاريخية وتأثيرها على السياسة والأمن العالميين، ولا زال العالم ينظر بعين الريبة لكل تجربة جديدة للانشطار النووي للقنابل النووية، وذلك لما تخلفه هذه القنابل من أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات، بل إن أثرها الأكبر يكمن في استمرارية الخسائر المحتملة صحيًا وبيئيًا على المدى الطويل بسبب الإشعاعات المنبعثة منها.