25-ديسمبر-2023
الحرب على غزة

كشفت "الإذاعة العبرية العامّة" أن لواء غولاني أصدر أمرًا عسكريًا لجنوده الذي سحبهم من قطاع غزة، يقضي بعدم زيارة عائلات عناصر اللواء، القتلى بنيران المقاومة الفلسطينية، منعًا لانهيار معنوياتهم (Getty)

تتحدث تقارير إسرائيلية وغربية، عن صعوبة المعارك والقتال في غزة، مع غياب المعلومات الاستخبارية الكبيرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة اتباع المقاومة الفلسطينية نهج "حرب العصابات" في قطاع غزة.

وتتوقع التقديرات الإسرائيلية، الحاجة إلى أشهر من المعارك، قبل إعلان السيطرة على مناطق عدة في قطاع غزة. 

عناصر حماس "يعتمدون على تكتيكات حرب العصابات المتمثلة في نيران القناصة، وهجمات الكر والفر بالقذائف الصاروخية، ونصب الكمائن"

ويقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون لـ"وول ستريت جورنال"، إنهم فوجئوا بحجم الشبكة العسكرية الواسعة لحركة حماس في جنوب غزة، وإنهم يجدون أنفاقًا وأسلحة أكثر مما توقعوا. وأوضح ضابط عسكري إسرائيلي، إن الأمر قد يستغرق أشهرًا قبل أن يسيطروا على خان يونس، قائلًا: "أسلوب عملهم الآن هو ضرب الجنود ثم العودة إلى الأنفاق". وأضاف الضابط أن حماس تبقي هجماتها على خلايا مكونة من اثنين إلى خمسة مقاتلين. 

وقال مايكل ميلشتاين، ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في إشارة إلى قوة حماس الحالية: "نحن نتحدث عن نصف مقاتل ونصف جيش".

ويقول محللون أمنيون إسرائيليون إن الجيش يعتمد بشكل أكبر على غارات الكوماندوز وقوة النيران المركزة في خان يونس أكثر مما اعتمد عليه في شمال غزة. وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن المدينة لم يتم إخلاؤها بالكامل في بداية المعركة هناك بسبب طلب من إدارة بايدن لتجنب تكرار التهجير الجماعي للمدنيين الذي نفذته إسرائيل في شمال غزة.

ووفق التحليلات التي تنقل عنها "وول ستريت جورنال"، فإن عناصر حماس "يعتمدون على تكتيكات حرب العصابات المتمثلة في نيران القناصة، وهجمات الكر والفر بالقذائف الصاروخية، ونصب الكمائن".

المرحلة الثالثة قد تكون بلا جدوى

ومع تزايد الحديث عن الانتقال للمرة الثالثة من الحرب على غزة. يقول محللون أمنيون إسرائيليون، إن إسرائيل ستعيد نشر العديد من قواتها على طول الحدود مع غزة وتعتمد على الغارات المستهدفة لتحقيق أهداف الحرب.

وتوضح التحليلات: "من شأن عملية إعادة الانتشار هذه أن تحد من عدد القوات المعرضة لتكتيكات حرب العصابات التي تتبعها حماس، ولكنها ستقلل أيضًا من قدرتها على العثور على شبكة الأنفاق".

وقال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي عوزي ديان، إنه إذا سحبت إسرائيل قواتها البرية، فإن إزالة الأنفاق "لن تكون صعبة، بل ستكون مستحيلة. بدون السيطرة الكاملة على الأرض، فوق الأرض، لا يمكننا السيطرة على ما يحدث تحت الأرض".

من جانبه، قال غيورا آيلاند، إنه كجزء من انتقالها إلى قتال أقل حدة مع الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على غزة، تدرس إسرائيل إنشاء منطقة عازلة يزيد عرضها قليلًا عن نصف ميل داخل القطاع، وتمتد على طول الحدود، موضحًا: "سوف نقوم بإزالة كل ما هو موجود في هذه المنطقة الأمنية، بما في ذلك المباني والدفيئات الزراعية، من أجل خلق وضع أمني أفضل محتمل لليوم التالي". يأتي ذلك، رغم موقف إدارة بايدن، المعلن من معارضة أي تقليص لمساحة قطاع غزة.

في تصريحاته الافتتاحية للاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء يوم الأحد، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تكون الضغوط الأمريكية هي التي تحدد قرارات إسرائيل العملياتية، قائلًا إن "الولايات المتحدة لا تمنع إسرائيل من القيام بعمل عسكري في المنطقة"، في إشارة للحديث عن ضغط أمريكي منع تل أبيب من فتح جبهة حرب في الشمال. وأضاف: "قراراتنا الحربية مبنية على اعتباراتنا العملياتية، ولن أتوسع في ذلك. لكن لا تحددها الضغوط الخارجية".

getty

الخسائر تتزايد في غزة

وفي السياق نفسه، أكد المحلل السياسي والخبير الاقتصادي الإسرائيلي نير كيبنيس، أن خسائر جيش الاحتلال البشرية في قطاع غزة تتزايد، بينما تكرس حركة حماس نفسها في الوعي العربي كقوة هجومية ودفاعية، مرجحًا أن ينخفض مستوى المعيشة للإسرائيليين في عام 2024 بسبب الحرب. جاء ذلك في مقال نشره بالتزامن موقع واللا وصحيفة معاريف، الأحد، بعنوان "هل يغرق الجيش في وحل غزة؟".

وقال نير كيبنيس: "بعد شهرين ونصف من القتال، يبدو أنه لم يتبق الكثير من الوعود بتحقيق نصر عسكري ساحق. ففي حين أن قائمة أسماء القتلى من الجنود تطول، يبدو أن حماس تزداد قوة في الوعي العربي، ليس فقط باعتبارها التي الحركة التي تمكنت من مفاجأة إسرائيل بهجوم مفاجئ، ولكن أيضًا باعتبارها تدير حرب خنادق ناجحة ضدها".

وأشار نير كيبنيس في مقاله إلى مقتل 13 جنديًا وضابطًا في نهاية الأسبوع العبري، وفق إعلانين للجيش مساء السبت وفجر الجمعة، معتبرًا أن الحزن هذه المرة ضرب قلب الدولة بأكملها ليس فقط على القتلى، بل بسبب الشعور أن الحرب رغم مرور شهرين ونصف مازالت بعيدة جدًا عن تحقيق أهدافها (..) وأن إسرائيل تقوم بإحصاء القتلى في كل يوم يمر، دون أن تتمكن من تقديم إنجازات مهمة في ملف المختطفين أو في القضاء على حماس.

ويعترف كيبنيس بأن المقاومة في قطاع غزة لم تضعف، بل إن استطلاعات الرأي "من رام الله إلى جدة" تظهر حركة حماس بموقف المنتصر، كما أنها تمكنت من تحرير أعداد من الأسرى الفلسطينيين وما زالت تحتفظ بأكثر من نصف المختطفين كورقة مساومة ذات أهمية، وباتت تتحكم في جدول أعمال المرحلة المقبلة.

القلق على المعنويات

كشفت "الإذاعة العبرية العامّة" أن لواء غولاني أصدر أمرًا عسكريًا لجنوده الذي سحبهم من قطاع غزة، يقضي بعدم زيارة عائلات عناصر اللواء، القتلى بنيران المقاومة الفلسطينية، منعًا لانهيار معنوياتهم.

قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي عوزي ديان، إنه إذا سحبت إسرائيل قواتها البرية، فإن إزالة الأنفاق "لن تكون صعبة، بل ستكون مستحيلة"

وقال مراسل الإذاعة إن الجنود الذين عادوا مُحطّمين بعد شهرين من استدعائهم للقتال في قطاع غزة، أرادوا تنظيم زيارة لذوي الضباط والجنود القتلى، ولكن جرى إبلاغهم بأمر عسكري يحظر عليهم ذلك، بذريعة الحفاظ على معنوياتهم من الانهيار، لكونهم سيعودون بعد أيام للانخراط في المعارك المحتدمة في خانيونس.

وبحسب الإذاعة فإن الجنود أبلغوا عائلات الضباط والجنود القتلى بنيّتهم زيارتهم، وفجأة اضطروا لإلغاء الزيارة لأن قائد كتيبتهم الجديد الذي حلّ مكان قائدهم السابق الذي قتل في غزة، أخبرهم بقرار المنع، وأن معصية الأوامر تعني عزلهم من الخدمة العسكرية.