01-يونيو-2022
قرر الاتحاد الأوروبي فرض حظر جزئي على استيراد النفط الروسي (Getty)

قرر الاتحاد الأوروبي فرض حظر جزئي على استيراد النفط الروسي (Getty)

اتّفقت دول الاتّحاد الأوروبي على خفض وارداتها من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام الجاري في قرار تسعى من خلاله لحرمان موسكو من مصدر تمويل ضخم لحربها على أوكرانيا. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمس الثلاثاء التوصل إلى اتفاق "من حيث المبدأ" بين زعماء دول التكتل الأوروبي بشأن حظر واردات النفط من روسيا.

اتّفقت دول الاتّحاد الأوروبي على خفض وارداتها من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام الجاري، فما آثار ذلك؟

وأعربت للصحفيين غداة القمة التي عقدت في بروكسل عن "سعادتها للغاية" للتوصل إلى هذه الخطوة التي ستمهد لحزمة العقوبات السادسة على حد قولها، موضحة أنه "من المتوقع أن يكون المجلس الآن قادرًا على وضع اللمسات النهائية على حظر ما يقرب من 90% من جميع واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام. هذه خطوة مهمة إلى الأمام، سنعود قريبًا إلى موضوع 10% المتبقية التي تُنقل عبر خطوط الأنابيب".

الاتفاق الذي توصّل إليه القادة الأوروبيون الإثنين سيكون على سلم اولويات محادثات الأربعاء القادم على مستوى سفراء دول الاتحاد الأوروبي بهدف وضع اللمسات الأخيرة عليه بعد مفاوضات مضنية استمرّت شهرًا. واستبق الاتفاق تعهد ألمانيا وبولندا بوقف وارداتهما من النفط الروسي عبر خط أنابيب دروجبا ما يرفع إلى 90% كمية الصادرات النفطية الروسية التي سيتخلّى عنها الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام.

هذا ومنح الاتفاق استثناء لبعض الدول الأوربية. فقد أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في وقت سابق عن فرض حظر تدريجي على واردات النفط الذي تصدّره روسيا عبر السفن مع منح إعفاء مؤقّت للنفط المنقول عبر خطوط الأنابيب، وذلك إرضاء للمجر التي هدّدت باستخدام الفيتو ضد هذه الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية على روسيا. وكتب ميشال تغريدة على تويتر قال فيها إن هذا "الخفض سيحرم آلة الحرب الروسية من مصدر تمويل ضخم، وسيمارس ضغوطًا قصوى على روسيا لدفعها لوقف الحرب".

لكن من غير الواضح متى سينتقل الاتحاد الأوروبي إلى حظر نفطي كامل. فقد وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي تقود الحملة  لحظر النفط الروسي بأن الاتحاد الأوروبي سيناقش كيفية "سد الثغرة" في أقرب وقت ممكن، حيث تسعى المجر للحصول على أموال من الاتحاد الأوروبي لإعادة تجهيز مصافيها النفطية التي لا يمكنها سوى التعامل مع الخام الروسي. كما تحتاج كرواتيا أيضًا إلى وقت لوقف الإمدادات النفطية من جارتها الشمالية عبر خط أنابيب أدريا. عطفًا على ذلك، تجنب زعماء الاتحاد الأوروبي إعطاء تفاصيل عن تاريخ انتهاء الإعفاء لدول أوروبا الوسطى، حيث ستستفيد البلدان الواقعة على الفرع الجنوبي لخط أنابيب دروجبا الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية - المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك - من الإعفاء المؤقت.

وعن تأثير الحظر على آلة الحرب الروسية، يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يدفع لروسيا حوالي مليار يورو يوميًا مقابل النفط والغاز، وهو مصدر ضخم للعملة الصعبة للكرملين في تمويل حربها ضد أوكرانيا، كما يقول المسؤولون الأوروبيون. وسيؤدي الانخفاض الحاد في هذه التدفقات المالية إلى تعميق المشاكل الاقتصادية لروسيا على المدى الطويل. مع ذلك حذر بعض الاقتصاديين من أنه قد يكون لهذه العقوبات تأثير عكسي سيساعد موسكو على المدى القصير، حيث تستفيد روسيا من ارتفاع الأسعار. كما منحت مناقشات الاتحاد الأوروبي المطولة والخلافات وقتًا لروسيا لإيجاد مشترين بديلين، حيث كثفت الهند والصين وتركيا من مشترياتهم مما عوض الخسارة جزئيًا. فقد عززت روسيا بالفعل صادراتها النفطية بنسبة 6% في أيار/مايو مقارنة بشهر نيسان/أبريل.

بالإضافة إلى ذلك، سيكون لهذا الحظر تأثير على المستهلكين والشركات في أوروبا، حيث ستشهد محطات الوقود ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الوقود بسبب ارتفاع أسعار البرميل الخام. كما ستجد الحكومات الأوروبية صعوبة أكبر في إدارة تكاليف المعيشة المرتفعة أصلًا. وبعد إعلان الحظر النفطي من الاتحاد الأوروبي، وصل سعر برميل خام برنت إلى 124,10 دولارًا وهو أعلى مستوى له منذ آذار/ مارس الماضي على الرغم من انخفاضه قليلًا في التعاملات اللاحقة، حيث ارتفعت أسعار النفط بالفعل أكثر من 55% هذا العام وهي عند أعلى مستوياتها منذ عام 2008.

يبقى السؤال هل لدى الاتحاد الأوروبي المزيد من بطاقات العقوبات للعبها؟ فقبل أن يوافق الاتحاد الأوروبي حتى على حظر النفط، كانت بعض الدول الأوروبية تدرس بالفعل فرض مزيد من العقوبات على صادرات روسيا من الغاز قبل الحرب، فقد كانت تزود روسيا 40% من مجمل استهلاك الاتحاد الأوروبي للغاز، ووعد زعماء الاتحاد الأوروبي بالتخلص التدريجي من ذلك، لكن دول الاتحاد مضطرة إلى الاستمرار في استيراد الغاز على المدى القصير لأن اقتصادها يعتمد عليه، وتعمل دول مثل ألمانيا بجد لفطم نفسها عن إمدادات الغاز، لكن هذا قد يستغرق سنوات.

سيكون لهذا الحظر تأثير على المستهلكين والشركات في أوروبا، حيث ستشهد محطات الوقود ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الوقود

ومع ذلك، يعتقد أكثر حلفاء أوكرانيا صراحة في الاتحاد الأوروبي بالإضافة لبولندا ودول البلطيق أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يضع الآن موعدًا نهائيًا لحظر الغاز الروسي، وهذه الخطوة غير مؤكدة وستكون أصعب من المحادثات بشأن الحظر النفطي غير المكتمل.